عام

رواية وهكذا أصبح جاسوسًا

Views: 2107

رواية وهكذا أصبح جاسوسًا

وليد الهودلي

مركز بيت المقدس للأدب

الطبعة الأولى

2018م – 1439هـ

رام الله – فلسطين

170 صفحة

من أدب السجون، وضمن سلسلة إصدارات نجح الكاتب في إخراجها للنور تتناول توثيق وعرض التجارب، وهو جهد يندرج ضمن صناعة الوعي فلا زال الاحتلال مستمرًا، والاعتقال مستمرًا، والاضطرار للمواجهة سواء بنجاح اجتياز الفخ أو الوقوع فيه مستمرًا، كما عبر عنه الكاتب في الخاتمة عن الاحتلال:

[highlight] “هو يُصر على ذات الأساليب وكثير ممن وقع في شباكهم يُصر على ذات الأخطاء” [/highlight] ، وهذه ملاحظة مهمة موجزة تلخص الواقع فعلًا.

أطلق عليها الكاتب اسم رواية، وهي أقرب إلى مجموعة قصصية، تناول بين دفتي الكتاب 19 قصة وحادثة، مختصرة ومباشِرة، مؤثرة وواقعية، ولكن ما الجديد؟

الجديد أن غالبية الضحايا هذه المرة على وعي أمني جيد، ويعرفون الصح من الخطأ ولكنهم يمارسون الخطأ تهاونًا وعلى اعتبار أنها مرة وستمضي، وهم أيضًا على دراية مسبقة بأساليب التحقيق والعصافير، ولكن انطلت عليهم الحيل ليس لجدّتها بل لانسجامها التام مع الواقع وكأنها الحقيقة!

الجديد أن بعض الضحايا كانوا على وعي ودراية وثقافة في مجال نشاطهم النقابي بشكل عميق، ولكنهم في ساحة الأمن كانوا سُذجًا، وأمام إغراء العاطفة سقطوا، ولعل التمترس خلص جدر الصلابة لا يفيد صاحبه/ته أمام فتنة القلب! وربما هي نتيجة يدركها ويعرفها الكثيرون، فالحُب والغرام مدخل للوقوع ومن خلال قصة فتاة جامعية سلط الضوء على حادثة قد لا تصل لمرحلة الوقوع في حبل المخابرات ولكنها تحصل، تمكن هذا الإنتاج الجديد من بلورتها بشكل منظم وواضح.

من الصعب أن يثق الإنسان ثقة مطلقة بنفسه، ولكن ما عليه أن يعيه ويتصرف وفقه جيدًا أنه في سجن منذ لحظة اقتلاعه من بيته إلى حين عودته، وما بينهما لا يمكن التعامل معه على أساس الثقة أو الضعف أو مرة وتفوت.

أما الفكرة الثانية المهمة هي مرحلة التهاون وقبول التسويات مع الاحتلال مقابل تسهيلات ومكتسبات آنية، سفر أو عمل أو دراسة أو علاج، تحت عنوان: (ساعدنا نساعدك)، حديث النفس أن المطلوب هيّن وسوسة ليست صحيحة، ومن يتنازل في الصغيرة يتنازل في الكبيرة، وطريق التنازلات أبدًا لا ينتهي ولا تملك القرار فيه.

الفكرة الثالثة: في السجن لا أقرباء ولا أصدقاء، لا تقل صديق النضال لأبي، ولا لعمي، ولا تقل سبعينيات ولا ثمانينيات، لا تثق بأحد، فإن معرفة الشخص بأهلك ليست جواز ثقة، ولا تقل صديق دراسة ولا عمل، فما يجمعكما خارج الأسوار لا يعني التخفف من الأسرار.

الفكرة الرابعة: أن مواقع التواصل والتقنية عمومًا “الذكية والغبية” مدخل انكشاف لشخصية الإنسان، ولنشاطه وعلاقاته، ومدخل افتتان ووقوع في الشراك، والمشكلة ليست في المعرفة بل في ترجمة المعرفة سلوكًا، مثل العبارات المشفرة بين الأصحاب، طبيعة الأذواق التي تستخدم للضغط على الإنسان فيما يحب أو يكره، إمكانية التجسس واختراق كل الأجهزة والبرامج تجعل المرء بلا خصوصية، وبلا أمان حقيقي.

في كل قصة ومن خلال حياتنا يمكن أن نضع اسمًا لكل بطل، يمكن أن نتذكر حادثة استمعنا إليها من محرر أو محررة، عندما تقرأ قصة صمود وبطولة تهتف هذا بطلي، وعندما تقرأ قصة انهيار تاريخ شخص ليس لضعفه ولكن لانطلاء الحيلة عليه تهتف: الله أكبر، وتتساءل لماذا لم يصبر أكثر؟ لماذا لم يصمت أكثر؟ 

وقد عرض الكاتب قصة طريفة تأتي من باب الانتقام والقصاص بطريقة يستحقها من وقعت عليهم، ولن أتحدث عنها فمن رغب في قراءتها؛ ليكشتفها بنفسه.

ختامًا ..

عندما قرأت عنوان الكتاب في الإعلان عنه؛ ظننتني سأقف أمام أسير صار جاسوسًا، وأن الكتاب سيصف ذلك، وبعدما بدأت القراءة تمنيت لو لم يكن هذا العنوان للكتاب، ثم حين أنهيته وجدت العنوان مناسِبًا ورمزيًا.

 على إشراقات

كتب في:

04 شعبان 1439هـ

20 نيسان 2018مـ

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *