عام

إسلام وأفنان وفاطمة ( أسيرات في 2012، عرائس وأمهات 2013)

Views: 3408

إسلام وأفنان وفاطمة ( أسيرات في 2012، عرائس وأمهات 2013)

مركز أسرى فلسطين للدراسات – القدس-  إسراء خضر لافي(خاص)

 ما كان في زمن الأمس كاليوم، وما دام عُسر، ولا ظلم، ولا ألم، هي سُنة الله عز وجل ووعده القائل: “سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا” (الطلاق: 7)، والقائل: ” فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا، ‏إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا” (الشرح: 5-6).

 نِعَم الله تعالى التي تتجلى خلف الابتلاء عزيزة، كتلك الدموع التي تغسل كل العذاب، عجيبة تجمع الدمعة والبسمة في آن واحد رضىً وشكرًا، هو ذاك القدر الخفي المستتر خلف الوجع، خلف الأصفاد والغياب، عنوانها رحلة الصبر والجهاد التي تتكلل بالحرية وتُتوَّج بالتخرج والزواج.

 هذه هي حكاية عرائس ثلاثة كُتِب عليهن الاعتقال في ذات الفترة (نيسان/2012م)، ثم تحررن وارتبطن تباعًا، فكانت رسائل الرحمن لهنّ يتجلى فيها غاية اللطف والرحمة، تهديهنّ الرزق وتسرّي عن أرواحهن، هو عاجل الثواب وبركة الدعاء لمن بحبل الله اعتصم؛ فعلِم صدقه فقرَّبه وأكرمه؛ فما كان بعد الضيق إلا الفرج.

 إسلام البشيتي، وأفنان رمضان، وفاطمة الزهراء سدر، ثلاثية الألم فـــالفرح، عام على الاعتقال في سجون الاحتلال، تعود الذكرى عليهنّ وقد أسبغ الله عليهنّ من فضله، ففاطمة وإسلام على موعد مع الأمومة، وأفنان تجهِّز لفرحها بعد رمضان بإذن الله.

 وفي ظلال هذه الذكرى سأل مركز أسرى فلسطين للدراسات المحررات عما يحضرهنّ بعد عام على الاعتقال، فاختزلت حروفهنّ الحكاية في دروس المحنة يزينها الثناء والحمد والدعاء، ومما جُدن به للقارئ الكريم:

 إسلام البشيتي: لا أدري كيف مرت الأيام والساعات والدقائق بعد الإفراج بسرعة، وكيف مرّت ببطء شديد في الأربعة شهور داخل المعتقل! حقاً الأيام في العالم الآخر تكاد لا تمر من شدة طولها! عام مضى .. الأثر الذي تركه سجن عاش معي طوال هذا العام، من دروس تعلّمتها هناك وعشتها واقعاً طوال العام، وحزن وألمٍ على من بقي يعاني هناك، أسأل الله لهم جميعاً الإفراج.

 أفنان رمضان: تجتاحني مشاعر متناقضة بين الألم والفرح والإصرار والذكرى، قبل عام من الآن بدأ يشتدّ الكرب، وتضيق الأنفس، كنت مكبلة اليدين والقدمين، معصبة العينين، محاطة بالأسوار والسجانين، فترة بها من المصاعب الكثير، لكني لا أملك أن أصف تلك الفترة إلا أنها فترة من التحدي للواقع والمحتل، رغم مرارتها إلا أنها لا تخلو من الجمال، التعارف بين الأسرى، بين الأهل، القرب من الله والأنس به، إعادة ترتيب الحياة، هي تجربه في أقل تقدير لها، أضافت لحياتي أكثر مما أخذت.

 فاطمة سدر: الحمد لله من قبل ومن بعد، في مثل هذه الأيام من العام الماضي كنت في كربة وابتلاء شديد, واليوم تبدلت الأحوال وأصبحت بنعمة وخير, تزوجت وأنا الآن بانتظار طفلي “الذي سأربيه على ما آمنت به أنا ووالده وإن كان ثمن ذلك اعتقالنا”.

 وحين السؤال عن نظرة المجتمع لهنّ ومَن ساندهنّ؛ أجمعت الكريمات على أن نظرة المجتمع كانت متفاوتة بين الشفقة والتقدير والخوف، فهناك مَن اختصرهن بدعوى الأمنيات، وهناك مَن رمقهن بعين الحب والتقدير والعرفان كونهن قدّمن شيئًا للدين والوطن.

 كما أجمعن على إحاطة ذويهنّ لهنّ سواء كان الوالدين أو الخطيب أو عائلته وحتى الصديقات، واللاتي توجهنّ لهنّ بتحية زكية.

 وفي يوم الأسير الفلسطيني كانت لهنّ رسائلهنّ المتنوعة التي تستحق أن تُحفَر وتُقرأ وتؤخذ بعين الاهتمام:

 فإسلام وجهت رسالتها لعموم المتابعين لقضية الأسرى؛ فقالت: “كما نحنُ نعيش في عالمنا ونمارس ما نمارسه بطقوسنا المعتادة، هناك في العالم الآخر ما وراء الشمس أناسٌ هم أهلنا، أخي وأختك، لهم طقوسٌ فرضها عليهم الاحتلال، يحلمون بأبسط ما يمكن أن نتوقعه، هم رمز عزتنا، وهم أملنا، أسأل الله الإفراج لهم في القريب العاجل”.

 أما أفنان فكانت كلمتها لمن هم في قلب المعاناة؛ الأسرى وذويهم: فللأسرى تدعو الله أن يثبت قلوبهم وينزل سكينته على أرواحهم ويعجل بفرجه عليهم فهم أصحاب الصوت الأقوى وأصحاب القضية الأولى، وترى أن عجزنا يحتِّم علينا ذكرهم بالدعاء في كل الأوقات وتسأل المولى أن يذيقهم طعم الحرية التي تذوقتها، وتدعو عوائل الأسرى للصبر ونصرة أبنائهم في كل موقف وأن يحافظوا على كل ما يتعلق بهم.

 بينما فاطمة توجه رسالتها إلى المتاجرين بقضية الأسرى وتقول: “كفاكم … الأسير لا ينتفع باستنكار حادثة في السجون, أو جنازة عسكرية لأسير عاد لأهله محمولًا على الأكتاف, أو خطاب ناري في إحدى الوقفات، إن لم يكن لديكم استعدادٌ لاسترداد الأسرى بالأسرى, فكفّوا أيديكم عن الساعين لذلك والقادرين عليه بإذن مولاهم”.

 كانت وقفة خاصة مع كريمات جمعهن القيد والفرح، يتمنّى المرء لو فرش لهنّ الدروب بالورود تحية وتقديرًا، هنّ لسن أرقامًا ولا ذكرى، هنّ الحرائر اللاتي تستحق كل منهن الإفراد كنموذج فذّ يصنعه مولاه على عينه ويحيطه برعايته.

 وتبقى قضية الأسيرات والمحررات مِن بعد ، بحاجة لكثير اهتمام ومتابعة، لهنّ الله نعم المولى ونِعم النصير.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *