عام

الرباط في سبيل الله

Views: 1418

الربـاط في سبيل الله

شرع الله تعالى الرباط في سبيله وحراسة الثغور حتى لا يؤتى المسلمون وهم على غفلة من أمرهم وحتى يتم ردع كل من تسول له نفسه قتال المسلمين فيعلم أنهم متيقظون له وليسوا بغافلين عنه وأنهم يعلمون ما يدور حولهم, فما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا.

فقال تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد}.

وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون }.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال:فرض الله الجهاد لسفك دماء المشركين وفرض الرباط لحقن دماء المسلمين, وحقن دماء المسلمين أحب إلي من سفك دماء المشركين .

 

الرباط هو الإقامة بالثغر تقوية للمسلمين، والثغر كل مكان يخاف أهله العدو، وأصل ‏الرباط من رباط الخيل لأن هؤلاء يربطون خيولهم، وهؤلاء يربطون خيولهم كل يُعِدُّ ‏لصاحبه فسمي المقام بالثغر رباطاً وإن لم يكن فيه خير.

شمول معنى الرباط

وإن معنى الرباط ليس محصورا في قتال أعداء الله تبارك وتعالى , بل إن الثبات على الطاعات , والمداومة عليها , والصبر على مشاقها , هو من الرباط في سبيل الله – سبحانه وتعالى – , بل إن الرباط العسكري , لا يؤتي أكله إلا بقدر ما عند صاحبه من رباط على طاعة المولى – سبحانه وتعالى – , والدليل على هذا الفهم : ذلكم الحديث الذي أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة : أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : “ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطأ إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط”.

أشكال الرباط

وإن الرباط ليس مختصا بالمداومة على العبادة والحراسة على الثغور , بل يدخل فيه كل ما يخيف العدو ويؤرقه , ويضعف من قوته , ويساهم في قوة دولة الإسلام ورفعتها , كما أفاد شيخ الإسلام رحمه الله تعالى , قال الله تعالى :” مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ” ,

فالتعليم والتعلم – إن قصد به وجه الله – ثغر من ثغور الرباط , ومؤسسات الخدمة العامة والعمل فيها ثغر من ثغور الرباط , والمؤسسات الصحية والخدمة فيها , ثغر من ثغور الرباط , وميادين الأعمال المهنية ثغر من ثغور الرباط , وأن تخدم الإسلام وترفع كلمته , في عملك أيا كان , فهو من الرباط في سبيل الله , قال الله تعال :” وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ” , أخرج البخاري في صحيحه زيد بن خالد رضي الله عنه : ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :” من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا ومن خلف غازيا في سبيل الله بخير فقد غزا “.

الرباط في الحديث

ورد في كتب الصحاح والسنن أحاديث مستفيضة جدا في فضل الرباط في سبيل الله :

جاء في الحديث “رباط شهر خير من صيام دهر، ومن مات مرابطاً في سبيل الله أمن من الفزع الأكبر وغُدِيَ عليه وريح برزقه من الجنة، ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله عز وجل“[1]. وفي الحديث “رباط يوم في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها”[2].

وفي الحديث :” من مات مرابطاً مات شهيداً ووقي فتان القبر وغدي عليه وريح برزقه من الجنة، وجرى له عمله”[3].

وقد روى الطبراني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أجر الرباط. فقال:”من رابط ليلة حارساً من وراء المسلمين، كان له أجر من خلفه ممن صام وصلّى“[4].

وقال صلى الله عليه وسلم:”رباط يوم في سبيل الله خيرٌ من ألف يوم فيما سواه من المنازل“[5]. وفي رواية :”من رابط ليلة في سبيل الله كانت له كألف ليلة صيامها وقيامها“[6].

[1] رواه الطبراني عن أبي الدرداء، والحديث صحيح.

[2] أخرجه البخاري.

[3] سنن ابن ماجة ومصنف عبد الرزاق والحديث صحيح.

[4] مجمع الزوائد للهيثمي ورجاله ثقات.

[5] سنن الترمذي والنسائي ومصنف ابن أبي شيبة والحديث حسن.

[6] ابن ماجة والسيوطي والترمذي صحيحاً.

فضائل الرباط في سبيل الله وأجره

أولا: رباط يوم خير من الدنيا وما عليها.

روى البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها }.

ثانيا: رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه ورباط شهر خير من صيام الدهر.

روى مسلم عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات فيه جرى عليه عمله الذي كان يعمل وأجري عليه رزقه وأمن الفتان }

وروى الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {رباط شهر خير من صيام دهر ومن مات مرابطا في سبيل الله أمن الفزع الأكبر وغدي عليه وريح برزقه من الجنة ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله عز وجل}

ثالثا: ينقطع عمل الميت إذا مات إلا المرابط فإذا مات في رباطه يجري عليه أجر عمله الصالح من الرباط وغيره إلى يوم القيامة.

روى أبو داود والترمذي والحاكم عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {كل ميت يختم على عمله إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتنة القبر }.

وروى أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {أربعة تجري عليهم أجورهم بعد الموت : مرابط في سبيل الله ومن عمل عملا أجري له مثل ما عمل ورجل تصدق بصدقة فأجرها له ما جرت ورجل ترك ولدا صالحا يدعو فهو له}.

رابعا: إذا مات المرابط في سبيل الله في رباطه بعثه الله آمنا من الفزع الأكبر يوم القيامة .

روى ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :{ من مات مرابطا في سبيل الله أجري عليه أجر عمله الصالح الذي كان يعمل وأجري عليه رزقه وأمن من الفتان وبعثه الله يوم القيامة آمنا من الفزع الأكبر}.

خامسا: إذا مات المرابط في رباطه بعثه الله يوم القيامة شهيدا.

روى ابن ماجة وعبد الرزاق عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :{من مات مرابطا مات شهيدا ووقي فتان القبر وغدي عليه وريح برزقه من الجنة و جرى له عمله }.

سادسا: للمرابط في سبيل الله أجر من خلفه من ورائه.

روى الطبراني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:{ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أجر الرباط؟ فقال من رابط ليلة حارسا من وراء المسلمين فإن له أجر من خلفه ممن صام وصلى}.

وقال عثمان بن أبي سودة كنا مع أبي هريرة رضي الله عنه مرابطين في (يافا) – وهي مدينة معروفة في فلسطين المباركة – على ساحل البحر فقال أبو هريرة رباط هذه الليلة أحب إلي من قيام ليلة القدر في بيت المقدس .

سابعا: رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل.

روى الترمذي والنسائي وابن أبي شيبة عن عثمان بن عثمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :{رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل}.

وهذا يشمل كل المنازل حتى لو كانت مكة المكرمة أو المدينة المنورة أو بيت المقدس على فضلها جميعا.

وقد نقل الإمام ابن تيمية رحمه الله إجماع العلماء على أن إقامة الرجل بأرض الرباط مرابطا أفضل من إقامته بمكة والمدينة وبيت المقدس .((قلت فما بال المرابط ان كان رباطه في ارض فلسطين ارض الأنبياء والرباط وارض المحشر والمنشر )!!

وسئل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أيهما أحب إليك الإقامة بمكة أم الرباط في الثغور ؟ فقال : الرباط أحب إلي.

وقال الإمام أحمد أيضا رحمه الله : ليس عندنا شيء من الأعمال الصالحة يعدل الجهاد والغزو والرباط.

كيف أكون مرابطة ؟

  1. استحضار نية الرباط مع كل صباح يتنفس، ومع كل عمل وعبادة ومعاملة نؤديها.
  2. استحضار الأجر والفضل والسبق ، وتذكر أن الميدان ميدان تنافس وقد فضلنا الله بالسكنى هاهنا.
  3. رتبتك في فلسطين مرابطة، فاحرصي أن تنعمي بها، وأن تقومي بحقوقها وأن لا تنسي فتغفلي وتقصري وقد يأذن الله بخروجك منها فاحذري!

وكفى بالله هادياً ونصيراً

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *