عام

المشكلة إحنا مش الحكومة!

Views: 654
في كل أزمة، في كل تصعيد، في كل حالة مجتمعية عامة أو خاصة يتصاعد نداء: “وين الحكومة”؟! ويتركز الحديث عن تقصير الحكومة في قطاعات مختلفة، إذ تكشف الأزمة العورات ونقص المتابعة والإنجاز في قطاعات مختلفة، كما تكشف عن المحاباة لمناطق على حساب مناطق أخرى، سواء في الاهتمام أو تركز الخدمات أو تركز المشاريع، وهذه تنسحب على المحافظة كمدينة وقرى أو بين المحافظات المختلفة.
يعتقد بعضنا أن المشكلة في عدم وجود مسؤولين من المنطقة في الحكومة ليكون لها حصة في الكعكة الكبيرة، لكن هل الأزمة فعلًا أزمة فراغ وزاري للمنطقة؟ ولماذا لا ننتبه للتقصير اليومي، والتشوه الإداري، والفساد إلا في الازمات؟ لماذا نتكيف يوميًا مع كل أوجه التقصير ولا ندفعها ولا نحاول لفت الانتباه لها؟ لماذا نكون يوميًا جزء من آلة الكسل والاتكالية ونغض البصر عن كل شيء بيأس شديد وفقدان أمل للتغيير ثم فجأة توقظنا الأزمة على كارثة صحية أو تعليمية أو مالية أو سياسية أو ثقافية أو اجتماعية؟ لماذا نمارس حالة من التملص من المسؤولية ونمثل دور الضحية ونعيش كمن يساق إلى حتفه ونؤكد على أنفسنا يوميًا أن البلد ليست إلا لفلان وأبنائه أو لسلطان المال والسلاح لدى العائلة س أو ص؟
سيدي القارئ، سيدتي القارئة:
هل لاحظت شيئًا في أسئلتي؟ الحقيقة يا عزيزيّ أننا يبدو ومن حيث لا ندري نمارس نفس سلوك الحكومة يوميًا ودون أن نشعر، نحن نفكر أن الحكومة شيء ونحن شيء مقابل، ونعتقد أيضًا أن عليهم واجبات هي حقوق لنا، ولا نتذكر أن علينا واجبات هي حقوق للبلد علينا!
كما يبدو -ولعلي مخطئة- أننا نعيد إنتاج ذات الثقافة في المجتمع، ثقافة حصر التغيير بيد الحكومة أو السلطان، مع رفع شعار “وأنا مالي”، حتى إذا وقعت الواقعة تذكرنا مرة أخرى كل الإشكاليات التي تقع على عاتق الحكومة ونسينا عن سابق إصرار أدوارنا وما علينا فعله!
ما الذي أريد الحديث عنه؟
أود الحديث عن الشق الثاني من المواطنة المتعلق بالمبادرة والواجبات التي يمكن أن يقدمها كل منا لنحل أزماتنا العالقة، عن كيف نتحول إلى مواطنين ومواطنات إيجابيين، رغم أن سياق المواطنة في ظل الاحتلال وفي ظل فساد السلطة والمسؤولين هو سياق مشوه فاقد لكثير من المعايير، ولكن فساد الواقع والحال لا يعني أن نفسد حياتنا فنصبح جزءًا من منظومة تكرير الفساد ولو كان بشكل سلبي يتلخص بقبول الواقع كما هو!
وهنا أتساءل عن غياب مبادرات الشباب عن الساحة، لماذا كانت موجودة في ظروف الراحة واختفت في ظروف الحاجة؟ هل كانت لأغراض التسويق الذاتي أو الحزبي أو كانت لإرضاء الممول؟ هذا الفراغ يبحث عن الشباب لملئه، وأخذ زمام المبادرة للتشبيك بين المؤسسات المدنية والحكومة وأصحاب الأموال والمقتدرين والمتطوعين للوقوف معًا لحل كل أزمة.
وأضم صوتي في التساؤل حول أموال الضرائب التي تتم جبايتها، أين تذهب؟ وكيف تُصرف؟ هذه الأموال هي حق لخدمة المواطن، ومن حقه الاطلاع على مصارفها، ومع حجم المدفوعات الضريبية فالمنتظر أن يقف المواطن موقفًا حاسمًا فإما يدفع مقابل خدمة فعلًا يراها ويتمتع بها أو لا يدفع ما دام الحال من سيء إلى أسوأ والمشاريع عالقة لا تُنجز! والأجدى بالحكومة تقديم الخدمات وجدولة المشاريع الواجب إنهائها فورًا بدلًا من اصطناع أزمة والإعلان عن صناديق معونات على شكل إقراض لا تسهم إلا في تحسن لحظي يتبعه ارتباط طويل الأجل بالقروض والفوائد الربوية!
أزمة الكورونا اليوم، والأزمات الأخرى التي قد تطرأ منها الحرب أو المواجهة الواسعة أو أي تغيرات أخرى تتطلب أن ندير أزماتنا من الداخل وبشكل متحرر من الهياكل المشبعة بالفساد والضياع والترهل، وبشكل يحرر رقابنا من قيود الديون والقروض، ويحررنا من التبعية للمشاريع الأجنبية التي لا تعطيك دون أن تأخذ منك، وأقل ما تأخذه تقييد رقبتك في سياق عبودية مُجملة ببعض القروش!
بعد هذا؛ ألا ترون أننا جزء من المشكلة وأننا يمكن أن نكون الحل لو وزعنا الأحمال علينا؟
Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *