عام

“ولا تمْنُنْ تستَكْثر”

Views: 666

يقول تعالى: “ولا تمْنُنْ تستَكْثر” ..

وقد اختلفت التفاسير في تناولها ولكني وقفت مع هذا المعنى: (لا يكثر عملك في عينك، فإنه فيما أنعم الله عليك وأعطاك قليل)..

وتأملت فوجدت العامل ثلاثة أصناف: إما لله وإما لنفسه وإما لغيره ..

أما من يعمل لله فتصغر ذاته في نفسه ولا يستكبر على الناس سواء كان أكبر منهم أو أصغر، أو أسبق منهم لعمل أو لرأي، يعمل لله خدمة لغيره وحبًا لهم وحرصًا عليهم، حتى روح المنافسة هنا نقية تقبل الجميع ولا تفاضل بينهم دنيويًا بقدر ما تصفيهم لله؛ مَن يعطي أكثر، مَن يضحي بطيب خاطر، مَن يشارك الآخرين على قاعدة ننجح معًا وجميعًا، وكل ذلك يقاس بمدى التأثير والتغيير، والتوفيق الذي يُربَط برضى الله فيثمر سعادة لسان حالها: هل من مزيد؟ فهو مهما فعل يرى أنه لم يفعل..

أما من يعمل لنفسه فلا يمكن أن يقدم أي شيء على حياته وأولوياته الشخصية؛ إذ يتمحور سعيه حول ذاته فقط، حتى إن حمل فكرة سامية فإنه يجيرها لمصالحه، وإن نافس انطلق من الغيرة المذمومة، والانتقام، والتشفي، وليقال فعل أو نجح، ويظهر ذلك في زلات اللسان والهدف المعلن، وصناعة الجيوب، ويظهر في كثرة القيل والقال ونقل الكلام، والانتصار للذات، وهذه مسائل تذوب في كل سعي إلا السعي الشخصي، ومن لم ينتصر على ذاته سيأكل قلبه التناحر، وتكبر نفسه في نفسه ويمنُّ على الناس بما قدم حتى لو كان واجبًا! ..

أما الصنف الأخير فهو موجود لكنه لا ينطلق من رؤية تزاوج بين الدنيا والآخرة، يعمل ويذوب لأجل غيره ولا يقف عند حدود نفسه كثيرًا، ولكن الهدف أن يتلذذ بالسعادة لنفسه، فعمله ليس لله بل لنفسه ولكن مع غيره! وأيضًا يحصي عمله .. (المشاريع الإنسانية مثالًا، وسعي بعض المؤسسات كذلك) ..

وشتان بين من يعيش لنفسه ويعمل لها ومن يعيش لغيره كما عبر عن ذلك الشهيد سيد قطب ..

وبما أننا نعمل ونتعب فما أجمل أن نجعل بوصلة العمل لله وحده فماذا سنأخذ معنا؟ حتى إن كان عملًا في وظيفة ..

الوقت الذي نقدمه خدمة لفكرة سامية لا نمنُّ به على أحد .. وهو وديعة لننظر كيف نردها لله عز وجل كل يوم ..

🙂 ..

إسراء خضر لافي

28/رجب/1435هـ

27/أيار/2014م

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *