عام

حماس والانتخابات المحلية: مَن ننتخب؟

Views: 726

للمرة الثانية خلال أقل من عام يربك قرار حماس من الانتخابات المحلية المشهد العام، ففي المرة الأولى أعلنت الحركة قبول المشاركة في الانتخابات المحلية بدون قوائم حزبية، وأبدت مرونة حركت المياه الراكدة في كل أماكن وجودها في الضفة الغربية، هذا الموقف المرن تسبب في إرباك حسابات المنافس الأول وهو حركة فتح، والتي جيشت إمكانياتها على طريقة (الفزعة) لمنع مشاركة حماس، سواء بالتهديد المباشر، أو بمحاولات التوافق وخاصة مع كوادر من فتح ممن أعدوا قوائم خارج التنظيم؛ تمثلهم أو تمثل عائلاتهم.

حتى الاحتلال الصهيوني حاول التدخل في هذا المشهد بالضغط على المرشحين بالاتصال والتهديد أو الاعتقال أو المداهمات أو الاستدعاءات والتي دارت في مجملها حول المشاركة في الترشح بالانتخابات المحلية.

وصولًا إلى قرار إرجاء الانتخابات حتى صدور قرار من المحكمة والتي أجلتها حتى أيار 2017، إزاء ذلك علقت حركة حماس مشاركتها في الانتخابات المحلية بشكل علني في غزة، فيما لم توضح الموقف في الضفة الغربية، وتركت الأمر لأبناء حماس، في مشهد يعيد لنا أجواء عام 2012 مع الفارق بطبيعة الحال، المشترك في الزمانين أن الحركة لم تمنع أبناءها من المشاركة رغم إعلانها المقاطعة كتنظيم في 2012، فيما المختلف هذه المرة أنها أعطت ضوءًا أخضر لمن يرغب بالترشح منذ حزيران 2016، وصمتت بعد استئناف ترتيب الانتخابات، فلم تمنع المقربين منها من الترشح، ولم تعب على مَن انسحب من هذه الجولة.

فكان الموقف هذه المرة مربكًا لكوادر حركة حماس وأنصارها، فالغالبية فهمت أن الحركة قاطعت الانتخابات، بالتالي انسحب عدد من القوائم التي لم تجدد تسجيلها، وركدت الكثير من جداول الماء بعد تنشطها، ثم اختلف جمهورها: هل يدعم أي قائمة أم لا يشارك أصلًا في الاقتراع؟ هذا الموقف ذاته كان عام 2012؛ ولم تتمكن الحركة في حينه من إبلاغ كل قواعدها بالموقف الذي تريده منهم فعلًا، وهو دعم من يرونه مناسبًا من حيث الكفاءة، والتوازن تجاه الحركة.

لكن الجمهور المرة أكثر اختلافًا في فهم موقف حماس، فبعد انسحاب عدد من القوائم المقربة؛ ترشح عدد من المقربين للحركة في عدد من القوائم المستقلة أو القوائم التوافقية التي ضمت أطيافًا من الفصائل ومنها فتح، وفي المناطق التي عُدم فيها الترشح للحركة أو التوافق فإن المتصدر للمشهد قائمة رسمية لفتح وأخرى عائلية فيما جذورها الفصائلية أقرب لحركة فتح، أو ما قد تعتبره الأخيرة انشقاقًا عنها ولكنه في تركيبته عائلي، ولا ينفي هذا وجود قوائم منشقة فعلًا عن حركة فتح وقد تعود تحت لوائها بحسب نتيجة الانتخابات.

وهنا يقف جمهور الحركة حائرًا: مَن يدعم؟ قائمة مستقلة قد تكون الأقرب للحركة ولكنها أضعف من البقية، أم قائمة توافقية فيها عنصر أو أكثر معروف بانتمائه لحركة حماس، أم قائمة منشقة عن فتح أو عائلية في المناطق التي لا يوجد فيها أول خيارين؟ أو يقاطع بشكل كامل فلا يشارك في الاقتراع؟

فيما يبدو أن توجهات حركة حماس بدعوة قواعدها وأنصارها للتصويت على النحو الآتي:

أولًا: المناطق التي تتنوع فيها القوائم بين مستقلة أو مقربة، وتوافقية، وفتح؛ فالتصويت لصالح القائمة المستقلة أو المقربة بالدرجة الأولى دون نظر لأي اعتبارات أو مصالح فردية أو فئوية.

ثانيًا: المناطق التي تتوفر فيها فقط قوائم توافقية، وفتح؛ فالتصويت لصالح القائمة التوافقية.

ثالثًا: المناطق التي قوائمها عائلية كلها؛ فالتصويت للقائمة الأقرب لحركة حماس، أو التي يشارك فيها عنصر واحد على الأقل من أبنائها، ويُترك التقدير لأبناء البلد بحجب التصويت أو منحه.

رابعًا: المناطق التي تتوفر فيها قائمة عائلية، وتقابلها قائمة لفتح؛ فالتصويت للقائمة العائلية، بصرف النظر إن كانت منشقة عن فتح أو لا، ولكن  يُنظر إلى كفاءتها.

بطبيعة الحال في المناطق التي تنعدم فيها الخيارات أو المهنية، وتتضح فيها هيئة المرشحين بين مطبِّعين أو منسقين مع الاحتلال أو تجارب بلدية سابقة سلبية أو فتح؛ فلا يُنتظر من قواعد الحركة دعمها أو الوقوف في ظهرها.

ولهذه الخيارات المفتوحة، والموازنات المطلوبة، والموقف المفتوح على تأويلات كثيرة فيما يستدعي الفهم والتحليل، وخاصة في غياب القطعيات فلا هي مشاركة مكشوفة ولا هي مقاطعة نهائية؛ فإن موقف حركة حماس يُعتبر مربكًا.

من جهة أخرى؛ يُعتبر هذا الموقف سياسة جديدة للبقاء في ساحة الفعل الفلسطيني، رافضة محاولات التهميش والإخراج من المشهد، وما ينقص المشهد جرأة أكبر من كوادرها في الاجتهاد إزاء المواقف العامة الصادرة عن حركة حماس، لأن خيارات المواجهة هي تأسيس لمرحلة عنوانها: (لا للتغييب).

06 شعبان 1438هـ

03 أيار 2017مـ

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *