عام

في مؤتمر | التعليم الشرعي وسبل تطويره

Views: 811

موجز ورقة قُدمت لمؤتمر جامعة النجاح السابع: التعليم الشرعي وسبل تطويره، في 20/09/2017مـ، والذي أُعد ليناسب تنوع الحضور، وليناسب تقديمًا مدته 5د فقط، وحول فكرة ما تضيفه العلوم المختلفة لصاحبها فهي موجودة في الورقة المنشورة ضمن كتاب المؤتمر.

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحت عنوان التعليم الشرعي وسبل تطويره، يجمع هذا السقف تحته عشرات التخصصات والدرجات العلمية، من شتى الحقول المعرفية، الاجتماعية والإنسانية والشرعية، ومن خلفيات مهنية متنوعة، كالتدريس، والخطابة، والإرشاد التربوي، والعمل الهندسي والإداري، فإذا كان قادرًا على جمعهم بحثيًا، ألا يمكن أن يجمعهم فضاء مجتمعهم وأن يفيد كل من الآخر لصناعة تغيير؟

خاصة وأن الحياة اليومية لا يوجد فيها فصل بين ما هو اجتماعي وشرعي وعلوم طبيعية، فعلى سبيل المثال استخدام المواقع الاجتماعية لها جوانب شرعية واجتماعية وتكنولوجية مستحدثة، لم تكن معروفة من قبل، وهي تؤثر على بعضها البعض، فعلى من يقدم المشورة فيما يتعلق بمواقع التواصل أن يكون مدركًا لآثارها الاجتماعية والتكنولوجية والاقتصادية.

 

ومن هنا جاءت ورقتي بعنوان:

أهمية العلوم الاجتماعية والإنسانية المعاصرة لدارس العلم الشرعي

ولنبدأ بتعريف مختصر لتقريب مفهوم العلوم الاجتماعية والإنسانية والشرعية:

العلوم الاجتماعية: وهي العلوم التي تهتم بدراسة المجتمعات وسلوكياتها، مثل: الاقتصاد، والجغرافيا، والقانون، والعلوم السياسية، والإعلام، وعلم الاجتماع، وعلم النفس وغير ذلك.

العلوم الإنسانية: وهي العلوم التي تهتم بدراسة الحياة والتجربة الإنسانية، مثل: اللغويات وتطور اللغة، والأدب، والتاريخ، والفلسفة، ومقارنة الأديان، والفن، وغير ذلك.

العلوم الشرعية: وهي ما يحتاجه الشخص في نفسه ومعاملته من فقه وأصوله وحديث وتفسير وعقائد وما تتوقف عليه كنحو ولغة وصرف وبيان ومعان.

 

حسنًا؛ ما المهارات التي يمتلكها دارس الشريعة؟

يزود العلم الشرعي صاحبه بمَلكة الفهم والتحليل والتصور والنقد، وهي ملَكات تتسع ما اتسع أفق الباحث وعلمه وثقافته، يحفظ النصوص، يقارن ويفاضل بينها، يتتبع أصولها، وكلما امتلك اطلاعًا أكبر؛ امتلك قدرة أكبر على القياس والاجتهاد والاستنباط والتحليل.

 

ما الذي سيضاف لدارس الشريعة باطلاعه على العلوم الاجتماعية والإنسانية؟

يقول ابن خلدون: (كل نوع من العلم والنظر يفيد عقلًا مزيدًا)؛ فكل نوع من العلوم يضيف جديدًا للإنسان، وباشتباك المعرفة تولد معارف جديدة، تسهم إما بترسيخ فكرة أو إنضاجها أو توسيع أفقها.

 

ومما جاء في البحث:

أولًا: إن دراسة التاريخ تزودنا بخلاصات التجارب، والعبر المستفادة، وتعين على إصدار الفتاوى وفقًا لما تصدره التجارب السابقة وما ينسجم مع توفر شروط تغير الفتوى، ومن علماء المسلمين الذين جمعوا إلى علمهم الشرعي التاريخ: الطبري، وابن كثير، وابن خلدون.

ثانيًا: بالاطلاع على هذه العلوم أو بعضًا منها يحيط الطالب الشرعي بفهم أفضل لسلوكيات الناس ومنشأ ثقافاتهم والمؤثرات المختلفة عليهم، وأيضًا اهتماماتهم المتغيرة وكيف يمكن أن تكون مدخلًا للتأثير عليهم للأفضل، مما يجعل فرص التواصل معهم بكفاءة أعلى، مثل ما جاء به ابن القيم، والغزالي، وابن الجوزي.

ثالثًا:  فهم الحراكات الاجتماعية أيضًا؛ المطلبية منها والاحتجاجية والسياسية، وأسباب انبعاثها، وكيف يمكن تشكيل موقف منها بالنظر لمآلات الأمور، وبالربط مع الظروف التي تتقاطع معها.

رابعًا: تسهم في امتلاكه عقلية نقدية، لا تسلِّم لما يخضع للتجريب، والبحث، والتحليل، والاستنباط.

خامسًا: يحرر صاحبه من الانقياد لتصوراته المسبقة، فلا يستسلم لآفات التعيمم، والاختزال وغير ذلك من أوجه قصور التفكير.

سادسًا: توظيف الوسائل المعاصرة في عصرنة علوم الشريعة وإتاحتها؛ كالمنصات الإلكترونية الأكاديمية وتطبيقات الجوال، والمناظرات العلمية وغير ذلك.

 

في النهاية فإن شمولية المعرفة والقدرة على فهم الواقع بروح العصر؛ تجعل من دارس الشريعة إنسانًا يجد له متسعًا في كل مكان يحضر فيه، على قول الشاعر:

علمي معي حيثما يممت ينفعني : قلبي وعاءٌ له لا بطن صندوق

إن كنت في البيت كان العلم فيه معي : أو كنت في السوق كان العلم في السوق

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *