هموم صديقاتي همومي

تتشارك الصديقات كل التفاصيل وخاصة قبل امتلاء القلب بالزوج والأسرة، تحضر هذه التفاصيل في وصايا الدعاء، “سلي الله لي …”، “بحاجة لدعائك أن ييسر الله ….”، “ادعيلي”، “تذكريني في دعائك”، كلمات تختتم بها اللقاءات، والمصافحات، والمحادثات، وتُحمَّل درة ما يشغل بال كل منهن، وكثيرًا ما يحضر الطلب بالدعاء دون ذكر التفاصيل، مع الزمن ومع طبيعة الفتيات، يمكن للمرأة أن تدرك المسكوت عنه، وما تحتاجه صديقتها دون أن تعبر عن ذلك، ودون الحاجة لأن تمضي معها وقتًا في الثرثرة أو السؤال.

ليس علينا أن نتنكر لفطرة المرأة وأن نصنع منها رجلًا فولاذيًا، ونصنع تصورًا أن طلب العلم أو البحث عن عمل هو محور حياتها، لكنهما حاجة في الطريق تمضي فيها وقتها حتى يأذن الله لها بزواج، يمنحها الاستقرار والسكن، ووضوح الرؤيا لما تريد أن تكون عليه، ولما حقيقة تريد أن تفعله، وإن حضر الزواج وفُقد الولد؛ فيكون الحصول على الولد مقدمًا على كل هم آخر، حتى وإن أرادت أو حرصت على الحصول على فرص علم وعمل جديدة، وإن كان تحقيق الذات شيء مهم للمرأة وللرجل على حد سواء، لكنها مهما تقدمت في مراتب علمية ومهنية ستبقى تشعر بنقص ما؛ تنكره أو تتنكر له، والاستثناء هنا ليس قاعدة يُقاس عليها.

لهذا كلما أرادت صديقة فلسطينية أو غير فلسطينية أن تطلب مني دعاء أو دون أن تطلب، أعلم أن ترتيب أولويات الحياة ينبثق عن شكل الحياة الاجتماعية وما يعتريه من نقص أو اكتمال، زوج، طفل، حرية زوج أسير، عِوض زوج شهيد، صبر على تربية، زوال شدة من تهديد أو ابتلاء بأسر.

ومنذ دراستي الجامعية الأولى حتى يومي هذا؛ تحضر بعض الصديقات بقوة في مراحل حياتهن المختلفة، وتتملكني السعادة حين يتحقق دعاء، وأنا أدرك أنه ليس دعائي وحدي، ولكنه اجتماع الدعاء من صاحبته وممن تثق بهم، والثقة المطلقة بالله.

وكلما قل عدد أخواتي العزباوات لصالح المتزوجات؛ ازداد شعوري بالراحة والاطمئنان، وكلما رزقت إحداهن طفلًا بعد انتظار، زاد سروري، وكلما تحقق دعاء؛ زاد عمق يقيني وثقتي بالله، وزال كل شك، وهم، وكدر.

كلما تكدرت أحوالهن أتماسك لأجلهن وألوذ بالدعاء يقويني، ولأننا بدون الله عزوجل هباءة لا تملك من أمرها حولًا ولا قوة، هكذا هي أخوّتنا في الله، سماؤها ظل عرش الرحمن، وكل ما يوصل إليه.

26 صفر 1439هـ

15 تشرين ثاني 2017مـ