عام

الحوادث في مدن الألعاب والمتنزهات

Views: 949

إسراء لافي – فلسطين نت

رابط التقرير

تعد مدن الألعاب والمتنزهات وجهة الآلاف في الأعياد والمناسبات المختلفة والإجازات الأسبوعية، حيث يجد فيها الأطفال والكبار متنفسًا لضغوط الحياة اليومية.

تكرر حوادث مدن الألعاب على فترات متباعدة، وآخرها كان سقوط شاب في منتزه جنوبي الخليل، يدفعنا للتساؤل حول ما يتخذه أصحاب هذه المتنزهات من إجراءات قبل افتتاحها، وحول المؤسسات المشاركة في تحمل مسؤولياتها تجاه أرواح الناس وقضائهم أوقات سعيدة، وكذلك حول كيف تنتهي في العادة مشاكل المتضررين بفعل ضعف السلامة في مدينة الألعاب.

ووفقًا لرصد أجراه موقع “فلسطين نت، فقد سُجل وقوع 13 حادثة خلال 3 أعوام منذ عام 2015 فقط، بواقع حادثتين في غزة و11 في الضفة الغربية، وسُجلت 3 حالات وفاة، واحدة في غزة واثنتين في الضفة الغربية، وغالبية هذه الحوادث حُلت عشائريًا ولم تتوجه للقضاء إلا في حالة واحدة حصل فيها اعتداء من موظفي إحدى مدن الألعاب على عائلة.

في هذا التقرير، حاور موقع “فلسطين نت” عدة أطراف في محاولة للإجابة على تساؤلات مختلفة حول تصميم الألعاب وطبيعة الأمان فيها، وكيف تحل المشكلات في المتنزهات ومدن الألعاب.

وحول تصميم الألعاب، والسلامة بشكل عام قال المهندس المعماري مؤيد الريماوي إنه يتوجب على كل تصميم أن يراعي أمان المستخدمين، ويوفر مخارج للطواريء، وعيادة إسعافات أولية، وطريق لدخول الإسعاف والإطفاء، وأشار إلى أهمية أن يكون لكل لعبة “دربزين” ومماسك وأحزمة ونظام أمان، إضافة إلى صيانة وفحص دوري.
وعند سؤاله عن المدن التي تستخدم ألعابًا مستعملة يتم شراؤها من شركات صهيونية؛ فقد أشار المهندس إلى خطورة الأمر لأنها تشكل خطورة على المستهلك، ونبه إلى ضرورة فحص كل لعبة من قبل جهة خاصة أو مكتب هندسي قبل اعتمادها، ومن ثم خضوعها للفحص الدوري والتأكد من استمرارية صلاحيتها.

أما فيما يتعلق بمن يتحمل مسؤولية الإصابات في مدن الألعاب وإن كان المكتب الهندسي جزء من دائرة الحدث فيرى المهندس أن المالك والجهة التي تمنح الترخيص بالدرجة الأولى هما من يتحمل المسؤولية، ولا يتحمل المكتب الهندسي ذلك إلا في حال كان مفوضًا من المالك بإجراء الفحص للمواد المصنعة منها الألعاب.
وفي تقرير حديث صادر في شهر آب الماضي لدائرة العلاقات العامة في الدفاع المدني في الضفة الغربية وإثر كشف على عدد من مدن الألعاب أفادوا بإغلاق 3 متنزهات ومسبح إلى جانب إيقاف بعض الألعاب والتي تفتقر للسلامة، وعليه توجهنا للحديث مع محمد يعقوب من إدارة العلاقات العامة والإعلام في الدفاع المدني للسؤال حول ما يراعيه الدفاع المدني في الكشف على هذا النوع من المنشآت، فصنف مساحات مدن الترفيه إلى الساحات العامة، والألعاب، والمرافق العامة الأخرى ولكل منها إجراءات خاصة يحرصون على تفقدها.

فمثلًا يحرصون على تدريب العاملين ولجان السلامة على حسن التدبر والتصرف للخروج من أي حادثة بأقل الخسائر كاندلاع الحرائق، أما فيما يتعلق بالألعاب فيحرصون على مطابقتها للمواصفات والمقاييس الفلسطينية بناء على تقرير صادر عن هيئة المقاييس، كما يتم اختبار كل لعبة وتفقد الآلات والمحركات والتيار الكهربائي، وآلية العمل، وتجربتها وهي فارغة، وأيضًا كيف يتمكن العاملون من عدم مفاقمة أي حدث، فيما يراعون أن تتضمن المرفقات العامة على مطافيء حريق يدوية، وحقائب إسعاف أولي.

وعند سؤاله عن ترخيص الألعاب، أوضح يعقوب بأن الدفاع المدني يمنح تصريحًا بعدم الممانعة بعمل هذه اللعبة أو المتنزه وليس ترخيصًا، وفي حال مطابقة الشروط بالكامل يتم منح الترخيص من المؤسسات الأخرى كالبلدية، والتي لديها شروطها الخاصة للترخيص.

وفيما يتعلق بتوفير قسم إسعاف وشرطة ضمن مدن الألعاب فأشار يعقوب إلى أن مدن الألعاب يتوفر فيها غرفة طواريء ومتدربين مع حقيبة إسعاف، لإجراء إسعافات أولية لحين وصول الطواقم المختصة سواء الدفاع المدني أو الهلال الأحمر أو غيرها، أما الشرطة فوجودهم مرتبط بإدارة المكان وليس الدفاع المدني.

أما بخصوص دوريات السلامة والتفقد فقد أفاد محمد يعقوب إلى أن دوريات السلامة تتم 3 إلى 4 مرات سنويًا، إضافة إلى زيارة مفاجئة غير معلن عنها خلال بعض المواسم كالأعياد والرحل المدرسية والعطلات، وعند أي مخالفة يتم إيقاف اللعبة وتُحول للنائب العام للنظر فيها قانونيًا وقضائيًا، ثم تحول للشرطة القضائية لمتابعة الأمر.
ومما لا شك فيه أن حادثة مدينة سكاي لاند برام الله عجلت في الكثير من الإجراءات فيما يتعلق بالسلامة، وحاول موقع “فلسطين نت” التواصل مع عائلات بعض الذين أصيبوا في حوادث بمدن الألعاب والمتنزهات إلا أنهم امتنعوا عن الحديث مع الإعلام لأن الموضوع قد سوِّي مع مالك المنتزه.

إلا أن الموقع حرص على الحصول على إجابة حول الإرشاد النفسي ووجوده في مستشفياتنا وخاصة لمن يتعرضون لحوادث إثر اللعب والترفيه، فالمصاب طفلًا أو كبيرًا يحتاج لدعم نفسي لا يكفي من والديه وأصحابه، فبعض الإصابات كالصدمة تحتاج لعلاج نفسي طويل وإن لم تبدُ آثاره على الشخص، وهذا ما أكد عليه الطبيب محمد أحد أطباء مستشفى النجاح بنابلس، بأن تشخيص حالة الطفل يحدد أهمية حصوله على هذا النوع من الإرشاد، أو تحويله إلى مركز متخصص للمتابعة؛ إلا أن هذا غير متوفر بشكل كافٍ في كل المستشفيات.
وبعيدًا عن مدن الألعاب الكبرى، والحوادث التي يضج بها الإعلام، كانت لنا جولة مبنية على تجارب صغيرة حول إصابات في منتزهات مختلفة لم يتناولها الإعلام ولم تصل للقضاء، ومن بينها حالة اختناق لطفل بين قضبان لعبة، وحادثة وفاة لطفلة وقعت في بركة ماء في منتزه محلي، أما الأولى فنُقل للمستشفى ولم يتطور الأمر، بينما الوفاة فقد عولجت عشائريًا وأُغلق المنتزه عدة شهور قبل أن يعاود الافتتاح، وحوادث أخرى تنتهي بإسعافها في المكان، والمشترك فيها كلها حتى تلك في المدن الكبرى، أنها لا تصل للقضاء، وعلى إثر ذلك توجهنا بالسؤال للشيخ محمد الهريني من يطا جنوبي الخليل حول التحكيم العشائري وتوجه الناس إليه؛ لماذا ومَن المستفيد؟

والذي أشار بدوره إلى أن الناس لا تلجأ للقضاء إلا إذا اختلفوا في محاولة التسوية والتصالح، أما عن تفضيل الناس للتقاضي عشائريًا فيرجع إلى أنهم يفضلون الانتهاء سريعًا والتراضي؛ لكثرة الإجراءات القضائية والتي تأخذ وقتًا طويلًا قد تصل لسنتين أحيانًا، وفي هذا التوجه فائدة لكافة أطراف النزاع.

الخلاصة، يبدو أن حاجة الناس للترفيه تدفع بعض أصحاب المشاريع إلى الاستهتار بإجراءات السلامة، إلا أن المشكلة الرئيسة في تطبيق القانون بصرامة في إجراءات الترخيص وبناء المنشآت.

أما فيما يتعلق بالأسلوب الأمثل لحل المشكلات بين الناس فتبقى مسألة واقعة ضمن حرية اختيار الأنسب وما يرضيهم؛ إلى أن المشكلة في هذا أن الدقة في رصد الحوادث المختلفة تبقى ضعيفة لأنها لا تصل للإعلام، ولا يوجد مركز بيانات واحد يجمع ويصنف الحوادث وأسبابها من الجهات المختلفة كالمستشفيات ووسائل الأخبار والمحكِّمين إلى جانب القضاء، وعدم تعاون الناس للحديث عن مشكلاتهم بعد انتهائها بقصد توثيقها أو الاستفادة منها.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *