عام

مع كتاب تأملات قرآنية

Views: 1458

تأملات قرآنية

الأسير محمود عيسى

الطبعة الأولى

1436هـ – 2014مـ

165 صفحة

في كل محطة مع القرآن الكريم، مع كل كتاب جديد أو نص قديم، يدرك المرء إعجاز الكتاب، الذي لا تنقضي عجائبه، ولا يخلق من كثرة الرد، ويبقى المجال متاحًا للتأمل والتدبر، والبحث، لا لمجرد التمتع، بل للفهم، والعبادة، والعمل.

في هذا الكتاب يقدم الأسير محمود عيسى من رحم سجن في الصحراء، جملة تأملات في إطار التدبر والتفكر، تجلت في أربعة عشر مبحثًا، آملًا أن تكون إضافة على ما تقدم في كتب التفسير، مسلطًا الضوء على مواضع منتقاة من القرآن الكريم مما يرى أنها لم تُشبَع بحثًا ودراسة، مركزًا في تأملاته على المعنى والمبنى معًا، وهو إذ يقدم تأملاته لم يتجاوز البحث في كتب التفسير والحديث المختلفة التي بينها في الفهرس.

شملت التأملات عدة حوادث وقصص منها: قصتي زكريا ومريم، وقصة موسى والخضر، ومؤمن آل فرعون، إلى جانب وقفات تأملية أخرى مع آية العزة (سورة فاطر: 10)، وآيات الجهاد، وآيات الزروع والأشجار، وآية علماء السوء، ووقفات متنوعة مع عدد من الآيات، والفرق بين عمل وفعل، وصولًا إلى وقفة مع حروف مطالع السور.

في رحلة التأمل والبحث على هامش الكتاب؛ اتفقت مع الكاتب حينًا وعارضته حينًا آخر، وأضفت على الهامش ملاحظاتي لمزيد بحث، وأعرض هنا لبعض التساؤلات والملاحظات بحسب تناولها في مباحث الكتاب المختلفة:

أولًا: في قصة زكريا:

هل يمكن أن تكون صفة “عاقر” لغير الكبيرة بالسن؟ هل تحمل الآية معنى أن زوجته كانت عاقرًا ولم تكن كبيرة؟ من أين أتت أخبار المفسرين بعمرهما؟

رأى الكاتب أن تعبير زكريا “وقد بلغني الكبر” بأن التعب نال منه لسنه ولطول قيامه، ولكن أرى أن الإشارة إلى كبر السن هنا هي إشارة إلى ضعفه عن القيام بأمور التربية وما يحتاجه الولد من رعاية والله أعلم.

ثانيًا: في قصة مريم:

أشار إلى أن تعبير “ولم أكُ بغيًا”، حذف النون كتعبير أدق في الإشارة للطهر والعفاف، ولكن هذا لا ينسجم مع الإعراب فحذف النون هنا للجزم ولأن ما بعدها مفتوح.

ثالثًا: مع الآيتين: “والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها” (الأنبياء: 91)، “ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه” (التحريم: 12):

أشار عيسى إلى أن اختلاف التعبير في الإشارة إلى موضع النفخ جاء ليناسب عدم ذكر اسم مريم في الآية الأولى، فيما كان التخصيص يناسبه التحديد.

وأتساءل ألا يمكن أن يكون استخدام (فيها) في الآية الأولى عائدًا على الشخص لا على موضع النفخ؟

رابعًا: مع آية: “قل لا تُسألون عما أجرمنا ولا نُسأل عما تعملون” (سبأ: 25):

يتساءل عيسى لماذا أسند (الجرم للمسلمين) ونسب مطلق العمل (تعملون) لغير المسلمين؟ وأجاب: أنه يعتقد أن استخدام لفظ (أجرمنا) يجيء ليحصر ما لا يسأل عنه الكافرين من أعمال المسلمين من المعاصي والآثام.

وأتساءل ألا يمكن أن يكون ذلك عائدًا لطبيعة المسلم؟ لطبيعة نظره إلى المعصية كجُرم بحق نفسه؟ فالمسلم الذي يتربى على إنكار المنكر في نفسه تحديدًا، أو يكبر على فكرة أن المعصية جريمة تجعله لا يستريح وكأن جبلًا يجثم على صدره، يناسب حاله هذا التعبير.

خامسًا: الحروف ومطالع السور:

عرض لعدد منها، موضحًا في الختام أنها مجرد تحليلات في دائرة الاجتهاد والتفكر لا أكثر ولا يجزم بصحتها.

وأفضل السكوت عنها لقلة بضاعتي، فلم أتفق مع الكاتب ولا رأي أضيفه فيها.

في الختام .. لو سئلت إن كان هذا الكتاب من الكتب التي تدفعك لإعادة القراءة؟ لأجبت بنعم، والذين يحبون القراءة في تأملات القرآن، وفي أرواحهم ظمأ لارتواء، سيجدون ما وجدت، تحفيز على التفكير، والبحث لأجل معرفة أفضل، وإن لم يكن للكتاب من فضيلة إلا هذه لكانت كافية لترجيح كفَّته.

فرج الله كرب الكاتب الأسير وإخوانه والأسيرات جميعًا.

16 محرم 1440هـ

26 أيلول 2018مـ

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *