عام

العمل الطلابي والواجب الوطني

Views: 1156

العمل الطلابي والواجب الوطني

[قضية الأسرى نموذجًا]

لا خلاف في أن الجامعات في أي مجتمع تعكس ثقافته وتوجهه، كما أنها عصبُ المجتمع ومُحرِّك الميدان، وتشكِّل بيئة ثائرة دائمة الحركة، وترتبط بمؤسسات مختلفة، وينبثق عنها تفرعات كثيرة.

وفي فلسطين فإنها رافد للحركات على اختلافها؛ فهي ترفدها بقيادات اجتماعية وفكرية وسياسية وعسكرية بالتوازي مع رفد المجتمع بكفاءات علمية.

والعمل الطلابي ركيزة المجتمع الجامعي، ويُعوَّل عليه في:

خدمة احتياجات الطلبة المختلفة على اختلاف شرائحهم وتوجهاتهم.

رفع المستوى الثقافي والعلمي.

غرس قِيَم التعاون والعمل المشترك.

رفع الوعي الديني والوطني.

بناء جسور بين طلبة الجامعة ومختلف أقسام الجامعة والمؤسسات المرتبطة.

تشكيل شخصية الطالب وفرز قيادات وكفاءات.

أهم محور يرتكز عليه العمل الطلابي هو: المرونة العالية لمواكبة العصر؛ ليوافق احتياجات كل جيل، ومع وجود منطلقات عامة تحدد أهداف كل مرحلة وفقًا ما يناسبها؛ فإن ما يبقى هو ابتكار الوسائل والحرص على التجديد، إلى جانب تحضير البديل.

ما كان يصلح بالأمس قد يصلح لليوم مع تطوير، ولكن ما يجب أن يفهمه رواد العمل الطلابي وخصوصًا “الكتلة الإسلامية” أن ما كان متاحًا بالأمس لم يعُد متاحًا اليوم، وتفاعل الأمس مفقود اليوم.

المطلوب أن نخلق ظرفًا استثنائيًا يتفوق على المتاح، وأن نبني جمهورًا متفاعِلًا يتفوق على الماضي الساكن فينا والمتردد صداه كذكريات بين الفينة والأخرى لدرجة تُسبب لدى البعض تجدد الحزن ويأسًا من التغيير.

والمسؤولية للنجاح في المطلوب في اتجاهيْن؛ نحو الداخل: على أبناء وبنات الكتلة الإسلامية، ونحو الخارج وفقًا لنجاحهم في مسؤوليتهم الأولى تجاه أنفسهم.

وحتى يتضح القول أعلاه سأطرح مثالًا ومنه ننطلق لقضايا أخرى:

قضية الأسرى في سجون الاحتلال

لماذا هناك انحدار في مستوى التفاعل على المستوى الطلابي خلال السنوات العشرة الأخيرة على الأقل؟

ولماذا كان قيادات الطلبة يحركون الجامعة ويحشدون المئات لاعتصام ووقفة تضامن وهذا مفقود اليوم؟

قضية الأسرى لم تنتهِ فنهايتها فقط مع زوال الاحتلال، ولا زال طلبة الجامعات يتعرضون للاعتقال بشكل مستمر، وهم ضحية الباب الدوار أيضًا، فما الأسباب؟

أسباب عامة:

قتل الروح الوطنية في عموم المجتمع الفلسطيني والذي بدأ مع المفاوضات وتبلور بدخول سُلطة الحكم الذاتي، فصار لدينا فريق يقاوِم وآخر يفاوِض، والمفاوِض يُقدِّم المقاوِم قربانًا على طاولة المفاوضات بالاعتقال والتسليم وتسهيل الاغتيال، وهذا منذ 1994 إلى يومنا هذا.

تحجيم الكتلة الإسلامية والحرب المعلنة عليها من أجهزة فتح ابتداءً من حظر عباس لحركة حماس عام  2007، مما جعل الاعتقال قضية محصورة فيها وبالتالي وكأنها شأن خاص!

من جهة يبتعد عنها الطلبة اتقاء، ومن جهة أخرى يتقوقع أبناء الكتلة على أنفسهم، مما يقودنا إلى السبب الخاص التالي.

سبب خاص:

غياب الوعي بقضية الأسرى وأبعادها وتأثير الاعتقال على الطالب الجامعي خصوصًا، فهناك فجوة بين الطلبة الذين يتعرضون للاعتقال أو مهددون به وبين جموع الطلبة، سواء كانت هذه الفجوة باختلاف الأجيال أو لأثر الاعتقال على الطالب فيُحجم عن الاحتكاك بالطلبة ويعيش مشكلته في نفسه فيبقى في دوامته الخاصة يُمنّي نفسه بالخلاص!

إلى ما يقودنا ذلك؟

إلى أنّ أساس المشكلة يكمن في الكتلة الإسلامية بأبنائها، فهم يفترضون أن المجتمع الطلابي يملك الوعي بقضية الأسرى، ويفترضون أن أبناءهم ومناصريهم يملكون الوعي الكافي للتفاعل مع القضية.

بالطبع هذا يجعلهم يعملون لخدمة هذه القضية بروتين قاتل، وتكرار لقديم دون تجديد؛ دعوة لاعتصام في المنطقة ولا يحضرونه، ولا يحشدون له، ولا يرتبون له، ولم يتجاوزوا ذلك لعمل خاص في داخل الجامعة إلا بفعل روتيني مثل صور في معرض! أو استنكار وشجب عند حالة اعتقال!

ولم يخرجوا عن ذلك إلى العمل بنظام الدعاية الصامتة التي توصل الفكرة بأجساد العاملين على الفكرة، إذ لا زال حاجز الخجل يلفهم، إلى حد يحجب عنهم الخروج إلى مساحات الابتكار التي توائم تطور الأجيال في إيصال الفكرة، وصناعة الوعي، وترك الأثر.

ونعود إلى حديثنا عن العمل الطلابي وخدمة الشرائح المختلفة:

ألا يُعتبر الطلبة المُحرَرون شريحة طلابية تستحق أن يُسلط عليها الضوء، بحيث يكبر احتكاكها بالطلبة ويعرِّفون بأنفسهم عن قضيتهم، ويُنضجون الوعي العام بالعرض والسؤال؟

يمكن بالعودة لتاريخ العمل الطلابي أنْ نجد أنَّ أكفأ مَن حركوا ميدان الطلبة تجاه قضية الأسرى والقدس وحق العودة هم هؤلاء الذين كانوا ملتحمين بالهمِّ الطلابي، دائمي الاحتكاك، مقبلين غير هيَّابين، لكلمتهم ترجمة عملية، خطابهم كان متناغمًا مع الحالة السائدة، سواء قضوا شهداء أو لا زالوا يقدمون تجاربهم للأجيال اللاحقة.

وهذا ما نحتاجه اليوم:

التركيز على صناعة وعي الطالب بإيضاح أسباب الاعتقال، وشكله، ولهذه الفكرة ميزتيْن:

إزالة هالة الخوف المحيطة بالكتلة وعمل أبنائها ووضع النقاط على الحروف.

قد تحد من مشكلة الاعتراف والتي لا يُحسن الكثيرون التعامل معها، ويجهلون أساليب المحققين الخبيثة، أو قد يضعفوا أمام المحقق.

خطاب ثوري واعٍ يجمع بين منطق العقل في عرض الفكرة والعاطفة التي تعرضها صورة أو أثر كحديثنا عن أثر الاعتقال على الطالب؛ مما يخلق حشدًا لتعاطف، خاصة إن تحدَّث صاحب التجربة عن تجربته وأحلامه وآلامه وآماله.

ابتكار الوسيلة التفاعلية التي ترفع التفاعل الجماهيري؛ تقدم فكرة وتترك أثرًا.

خلاصة القول:

العلاقة بين العمل الطلابي والواجب الوطني يجري عليها التسلسل الذي عرضت فيه مثال الأسرى، عليك كرائد ورائدة للعمل الطلابي أنْ لا تفترض أنَّ الطالب هو أنت، وكل قضية كبيرة بحاجة لتجزئتها ليتم استيعابها وإعطائها حقها من الإدراك فالتفاعل.

الأسرى والقدس وحق العودة والتحرير؛ الواجب الوطني في العمل الطلابي يفرض عدم تجاوزها لغيرها، ولنحسن تشريحها وتقديمها.

رسالتي الأخيرة في هذا المقام:

أبناء وبنات الكتلة الإسلامية قد جُففت منابع كثيرة لمنعكم عن خدمة الطلبة في أقساطهم وكُتبهم ومواد كثيرة جامعية وحتى ثقافية؛ ولكن لن يُغلقوا عليكم قِبلة قلوبكم؛ الواجب الوطني بحاجة عزائمكم واتقادكم وتعاونكم، فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلوْن.

واجب: ☺

هل يمكنك عرض مثال حول ضعف تمثيل قضية وطنية مثل: القدس، حق العودة، التحرير أو فشل نشاط متعلق بها؛ مستفيدًا من مثال الأسرى؟

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *