عام

الاستدراك الواعي

Views: 869

إحياء فقه الدعوة

سلسلة

استراتيجيات الحركة الحيوية

الرسالة التاسعة

الاستدراك الواعي / محمد أحمد الراشد

عودة إلى موضوع الإصلاح بشواهد أخرى جديدة

وفحص ناقد للواقع الاجتماعي من زاوية إيمانية

مع كشف الأخلاقيات اللازمة لممارسته

وبيان مكانة التنظير وسعة الخيال في التماس العلاج

بلغة شِعرية رمزية وتشبيهات إبداعية

 

فكرة الغلاف

أرْبعة أُطر للاستدراك الإيماني على خلل المجتمع:

معالمُ أخلاقية تهبه العفاف

ولمساتٌ أدبية توفر له العاطفة

وموجةُ خيالٍ عريضة مُرْسلة

وإطارُ تنظير يحدد الأبعاد والزوايا

فإذا كان ضحى الإصلاح … وارتفعت شموسه

وبان الفضاءُ المشرق

انعكست على الخطوط التربوية والرقابية ومضات

الأنوار

فيكون الحشد الواضح الجميل

الاستدراك الواعي

–        ما الذي كان يُقلق أمراء المؤمنين رضي الله عنهم بعد استطراد الفتوح الإسلامية والحاجة إلى تأسيسات إدارية وولايات مدنية؟

لم يكن يقلقهم الضعف في الخبرة، فهي توشك أن تكمل بالممارسة، وعَبر بعض الخطأ كان يمكن الوصول إلى الصواب، وإنما كان التحوّل النفسي المصاحب للولاية والمنصب هو الذي يخيف، وخشي الأمراء أن تتحول النفوس إلى بطر وكبرياء، بهما يمكن تمرير بعض الظلم، لما عرفوه من مجمل علم العقيدة والتوحيد من أن النفس تأمر بالسوء، وأن الشيطان يُغري.

–        أوصى عمر بن الخطاب عُتبة بن غزوان رضي الله عنهما، حين اختاره عاملًا على البصرة، بقوله: ( لقد أصبحتَ أميرًا تقول فيُسمع لك، وتأمر فيُنفذ أمرُك، فيالها نعمة إن لم ترفعك فوق قدرك، وتُطغيك على من دونك، فاحترس من النعمة أشد من احتراسك من المصيبة).

 –        ويشير الراشد إلى كتاب السُبكي (معيد النِعَم ومبيد النِقَم) وكيف أوضح فيه كاتبه ظاهرة دوام النعم بالطاعات والشكر لله وحسن النية والتزام الأخلاق والعدل، ويعتبره في حقيقته حلقة في علم استراتجيات الحركة الحيوية.

 

وثيقة فقهية جيدة السَبك في بيان معالم الإصلاح

–        لولا وجود التفريط وتضييع حقوق الله والعداون على حقوق المستضعفين وعامة الناس لما انحدر المجتمع إلى الهاوية، والفرد يسحقه التيار، ويتطاول عليه القوي، فيكون الحل المنطقي:

وجود كتلة جماعية تطالب بالحقوق وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بكل أشكاله، لا منكر السلطان فقط، بل حتى منكر البائع والتاجر والطبيب والمعلم ومنكرات أصحاب المهن كلها، وتلك هي المهمة الدعوية.

–        ثم يشير الراشد إلى أهمية أن يوازي فهم ما قدم السُبكي في ضوء ما قدمه ابن خلون وما يحتاجه من شرح وتفهيم ونقد، وهذا ما يوفره التداول الفكري في العمل الدعوي، بأن يكون تأسيس الفكر وتنميته وتجديده الدائم خصلة في المنهجية الدعوية العامة.

–        سياق المعادلة على النحو الآتي :

تحليل خلدوني+رصد واقعي سبكي > تشخيص للانحراف > عمل إصلاحي دعوي }وعظ،تربية،تنظيم،فكر إسلام،منهجية إصلاحية{ تحريك إيماني للحياة

تكامل المعادلات التحريكية

تحت هذا العنوان تحدث الراشد عن نوع القراءة للفقه والتاريخ التي تتيح نوع الفهم للتوجهات الخططية الكامنة، ويجمع إلى ابن خلدون والسبكي : الجويني في الفقه اللاهب، ويرى في هذه الثلاثية تكامل يتشكل منه علم إسلامي أصيل متناسق الأطراف.

حين يفقد المرء الإرادة … يجرفه الزحام

–        الراشد : (وقد ألهمنا النظر العلمي الثقافي طريقة في حسن الظن بالناس، وقلة المعاتبة لهم، والميل إلى التأويل الجميل لأخطائهم، واللجوء إلى طريقة الإهابة بهم أن يفعلوا الخير مهما غاصت أقدامهم في وحول المعاصي، فذلك هو المنزع الدعوي الصحيح…)

ويعزو الراشد ذلك إلى (أن أكثر الناس فيهم قابلية التقليد والمحاكاة والتبعية للأقوى ولمن تكون منهم مبادأة، وليست عندهم استقلالية ولا طبائع التأني والمحاكمة والاختيار والموازنة، بل فيهم مجازفة وإسراع إلى المحاكاة، وذلك الذي يوقعهم في المعاصي إذا وُجِد كبير يعلمهم السحر، أو رأوا تيارًا عامرًا، فالتيار وصوته الهادر وحجمه الضخم يجعل أحدهم جَبريًا ملغيًا لخصوصيته، متنازلًا عنها، ومانحًا قياده لهذا التيار.)

–        ثلاثية لا بد أن تنتقل بالناس من الإشفاق على حالهم وتتطور إلى انتشال وإنقاذ:

  1. النظر الدعوي
  2. التقدير التربوي
  3. التفسير الإيماني

لكن الإفاقة أقرب … والفِطرة أنفذ

يعرض الراشد لمقتطفات شعرية –لن أتناول تحليلها أو أعلق عليها-، موفق المحاميد :

(عند ذلك المفترق :  لن أقف كصوت يصرخ في الفضاء ..

ولن أسمح لقطار الزمن الآتي أن يأخذ مني في محطته الأخيرة :

ربيع القلب، وصبوة الروح، وسلة الأحلام الجميلة ..

عند ذلك المفترق.. سأكون أنا … أنا مَن يبدأ … من جديد .)

أما محمد خالد الخضر :

(اغتنم هذه الشروق .. وأسرج الخيل التي نامت طويلًا ..

واقرأ حكايات التخلّف .. حتى تسترد نقاءك الغافي .. فالعزة لا تزول ..

فاقرأ على دمك الأماني .. سوف تبدأ الحكاية من جديد .. اقرأ قصيدتي الأولى .. وسافر في حروفي . )

بل كلنا نسمي باسم الله، ونسرج الخيل، ونسافر في حروف قصائد تحريك الحياة، ونبدأ الإصلاح … الراشد.

القلب يقود الانقلاب

–        الخطوة الأولى في طريق الإصلاح العام : إصلاح قلب المصلح، واسترجاع نبضه، وإنما بيد المصلح من ذلك العزمة والنية والدعاء، وأما حقيقة التغيير فمن الله تعالى، إن يشأ إسبال التوفيق على عبده ..

–        يشير الراشد إلى أن فن التخطيط الدعوي والدرس التجريبي يجعلان صاحب القلب المطمئن مرشحًا لالتزام أخلاقي صارم فيكون هو محور العملية الإصلاحية الاستدراكية.

–        عبده الشنهوري :

احضُن شتاية .. وادفيّه

واستنّى ع البُعُد .. صيفي

واخلص لخلّي .. وادوب فيه

واتعشى من بعد .. ضيفي

يعلق الراشد فيقول : (وخطّة (تحريك الحياة) … تستدعي هذا الإيثار .. ولا بدّ من تضحية .. وصبر .. وممارسة لأخلاق التحريك .. ونفضات النقلات .. تبعثها قيادة .. لها ولاء .. تجمعه أعمال نماء!

والداعية .. الذي يظن نفسه صغيرًا .. هو (نقطة قيادة) في حركة الحياة .. ! )

–        في الوقت الذي نستسهل الردع والزجر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشير الراشد إلى قاعدة فقهية (تدعو المصلح والمربي للرفق والميل إلى الأيسر الأسهل إذا نهى عن منكر أو رأى زجر مسرف)

–        قال (دوستويسفسكي) : (الجمال سيُنقذ العالم)

ينقذه من الفلسفة المادية التي قست على الناس وأيبست علاقاتهم، ومن حروب الاستعمار الجديد والعولمة الأميركية، ومن كيد بني إسرائيل.

وهو الجمال في أبعاده المطلقة المتنوعة، وإنما الفن والتجريد والعمارة أفق واحد من آفاقه العديدة، والأخلاق جمال، والعدل جمال، والحرية جمال، والإخلاص جمال، والانفتاح جمال ….

–        كيف يكون ذلك؟ ولماذا هذه الثقة بالجمال؟

إذا استحضرنا الحالة العامة للمجتمع الواسع إنما هي صدى لحالات أفراده، والوصف العام إنما هو انعكاس للتربية الفردية، فإذا التزم الفرد أنماط الجدية والإنتاج وتحريك الذهن ومواصلة التفكير والممارسة الأدبية والتجريدية : فإن شخصية إيجابية ستتكون لديه، وتنمو معرفته، وينحسم أمر جزء من القضية الاجتماعية يوازي مقداره الفردي ونسبته إلى الكل، وبالتتابع وانضمام الأجزاء إلى بعضها وتراكمها يحصل إصلاحُ منظور يبقى يكبر حتى يرجح.

ويختم بقوله : لذلك نؤمن بأن (الجمال الإيماني الإسلامي سيحرك الحياة) ..!!

التنظير يتيح رؤية شاملة

خطوات الاستدراك لكل مَن يعاني هموم الإصلاح :

  1. الجمال وما سبقه من تحليق في الخيال والأخلاق ورقة الطباع والخوف من التكبر والظلم، وجمع ما انتثر فيما قدم ابن خلدون والسبكي والغياثي.
  2. التحول إلى تقعيد، وتعليل، وتحليل، والنزول عمقًا إلى جذر القضية من أجل استنتاج فكر متناسق يكون هو الأصل الضابط لعملية التغيير، ويضمن التوازي مع النظر الفلسفي لها، ومع الإطار التنظيري الذي تحتمه قضية المنهجية.

–        يشير الراشد إلى معيار هام في المنهجية إذ يقول: أن تكوين الصورة الواضحة لقضية ما يتطلب شيئًا من الانفصال عنها ورؤيتها مستقلة عن بُعد متوسط.

وفي اقتباس عن مجلة العربي ل د.جابر عصفور يقول : (أبتعد فيه عن تفاصيل المشهد لكي أراه بكل تضاريسه وعلاقاته. ومن المؤكد أن هذا النوع من الابتعاد هو الخطوة الأولى للفهم النقدي الذي يضع الأفكار والنظريات موضع المساءلة، ويجعل الفهم تملكًا للمفهوم، والخطوة الأولى للبعد –في هذا السياق- موازية لما أشار إليه أرسطو من ضرورة وجود مسافة تمكننا من إدراك الموضوع الجمالي، فلا نقترب منه كل الاقتراب، بما يجعلنا نستغرق في إحدى تفصيلاته، فلا نلمح غيرها، أو نفرط في البعد عنه بما يُبهت الموضوع المُدرك، أو ينأى به عن مدى رؤيته في تمامه).

–        يشير الراشد إلى المحاكمة العقلية التي تعلل ذهاب النِعم بارتكاب المعاصي تعليلًا إيمانيًا.

–        وقاعدة نظرية أخرى : أن الأصل في العملية الإصلاحية هو وجود طاقة بمقدار معين مقدّر يجب أن نصرفها وندعها تؤثر بشكل من الأشكال، فمساربها متعددة، وتختلف خطط صرفها، ولا بأس في هذا الاختلاف الاجتهادي، ما دام المصلح يعرف حجم الطاقة التي يراد له حشدها واستعمالها وأقام الاعتبار لتوفيرها في عالم الواقع، ومعنى ذلك أننا لا تأسرنا أشكال الإصلاح التي اقترحها السبكي، ولنا أن نقترح على أنفسنا غيرها، وفي الوقت الواحد أيضًا: تختلف خطة قطر عن قطر، لاختلاف الجذور المسببة للخلل.

–        من ظواهر الإصلاح: تأخر النتيجة، وانتظار التراكم، وقد تتبلد الأحاسيس حينًا، ثم تنفجر الأشواق إلى الحرية والإصلاح حينًا آخر، ولا تعتمد القضية على أرقام حسابية فقط، بل على تأثيرات عاطفية أيضًا.

 

أمور الحياة تجري وفق قاعدة مطردة من التعاقب والنظام الدائب، وميزان التكامل يعمل، إذ هناك (كلٌ) قد تكاملت أجزاؤه، كمثل حقيقة الربيع فيما ذكره عفيف البهنسي:

غاب الشتاءُ مُسرعًا ببرده…..إنّ الربيع صادقٌ في وعده

فالذهاب المقدّر : أتاح الورود المؤكد، وتلك هي سنّة الحياة…

والإزاحة العادلة : يتبعها تمكين الثقات ..

 

أجنحة الخيال تنقلنا إلى أرض القياس الفسيحة

فبمتدأ وجود كل قضية: قيام تصوّر لها واضح في نفس صاحبها، فإنه إن أحاط من خلال الفكر بحدودها وطبائعها وجذورها ومداها: فإن ولادتها في عالم الواقع تكون فرعًا من ذاك التصور، حتى لكأن الأمر لازم، وما هو كذلك، ولكن المراقبة أنبأتنا أن جودة الخيال تجعل انبعاث الصورة أسلس.

أنت بالخيال والقصد والنية والعزم .. تقترف تحريك الحياة ..

أبيات رائعة أعجبتني ل عفيف البهنسي :

رأيتُ في شعري جوابَ دهشتي …. عَرفتُ وجهي فُجأةً في غُربتي

رأيتُ فيها ماردًا من الخيال …. فاحترتُ بين واقعي وفكرتي

هلْ كنتُ في ماضي الزمانِ شاعرًا …. وتمتطي صهوَ الخيالِ ريشتي

أمْ كنتُ في مُستقبلي منارةً …. لموكبِ الأشعارِ في مسيرتي

أنا الهلال والشموسُ كلُّها …. إنّ السديمَ صفحةٌ من قِصَّتي

–        (الأدب) بما يحوي من شحنات الخيال إنما هو زناد تفجير الإبداع، … ، والمدرب الغربي يعلم أن االأدب يمنح عاطفة قد تتطور إلى إيمان، لذلك يمنعه عن عمد.

–        ويظن الراشد أن (الخيال المنفلت) هو المنزلة المنسية في مقامات مدارج السالكين!!

–        ثم يعرض الراشد مقطوعة من شعر وليد خازندار بعنوان (أبناء الليل)، ويشرحها (إن اردتم اتيت بها كاملة) وفي نهايتها يقول :

( لن يمضي بعيدًا من كان يعرف دربَ عودته ..

يغادرون إلى الفجر .. ثم يُصبحون من خيوطه ..)

نداوة اللغة العربية ترطب يبوسة الحياة الآليّة

–        يتوجب على ممارستنا الإعلامية أن تلحظ الفصام (بين الدعاة والأدب) الذي لا سبب له، وأن تنعش القلوب عاطفيات الأدباء، وتوسع مدارك الفكر الدعوي بخيالات الشعراء، القديم منها والمعاصر، وملتزم الوزن منها والمتحرر.

–        ثلاثة أسباب لجعل اللغة العربية والشعر من تمام منهجية التحريك –في نظر الراشد- :

  1.  هجمة الماديات والآليات والكمبيوتر والبرامج والرقميات، وما في ثناياها من جفاف ويبوسة وتنشيف لنداوة الأرواح وإرهاق للنفوس، مع ما فيها من فوائد ومصالح.
  2. هجمة العولمة السياسية الفكرية الإعلامية التي تتعمد إنهاك ثقافات الأمم وخصوصياتها وترويج نموذج أمريكي صرف يدوس على ما سواه ويدمره.
  3. (يختص بالأمة الإسلامية) التطبيع مع إسرائيل، والجهود المتواصلة لتجفيف منابع العاطفيات الجهادية والإمدادات الأخلاقية، وهذا خطر أقدم زمنًا من الخطرين الأولين.

 –        ويخشى الراشد أن يكون الإسراف في استعمال الكومبيوتر والتدريب الإداري والإبداعي من خلال تقليد الأسلوب الأمريكي فقط دون أصالة استقلالية كافية: أن يعدم الحاسة الأدبية في الجيل الجديد، وانعدامها يعدم بالتالي العواطف والصلة بالتراث، بل بنصوص الإسلام.

 –        ويكمل بقوله :

 ولو أن عامة الناس استجابوا لنا في هذا المجال فإنّ عصمة تربوية ستحصل

  •  وإذا لم يستجب غير الدعاة؛ فإنّ حفظ الذوق اللغوي العربي سيكون سبب ترجيح لهم على غيرهم من منافسيهم، وتلك نتيجة قَدَرية تحمل هذا الإيجاب ضمن سلبية تخلّف الناس.

 

  • وأما إذا أعرض الدعاة أيضًا وتعاملوا باللغة العملية الميكانيكية اليابسة :

 

فتلك نكبة والعياذ بالله، …، ومن الباطل الشائع الآن الذي يروج له المدربون  المقلدون: أن نماشي آخر الصيحات، ونتحدث بلغة يريدها الجيل الصاعد، وكأن (قضية الأطْر على الحق) أصبحت منكرًا وتخلّفًا، وأن (رؤى المربي) غدت هدرًا، وأن الصواب يكمن في تلبية رغبات المتربي، على الطريقة الأمريكية المادية.

–        خلاصة لما سبق يصوغها الراشد فيقول: فبهذه التوجهات الأربعة : الأخلاقية، والتنظيرية، والخيالية، واللغوية الأدبية: يرجى للعملية الإصلاحية الاجتماعية أن تكون أنفذ، بل هي شروط ولوازم.

المؤمن اللبيب يستشعر أثقال الوظيفة

–        فذلك هو سؤال عمر بن الخطاب، وجواب سلمان الفارسي، رضي الله عنهما، وما فيهما من فقه متكامل، حين قال عمر:

( مَن يأخذها بما فيها؟ … يعني الخلافة

فقال سلمان : من سَلَت الله أنفه. أي جدعه وقطعه )

فعمر يسأل سؤالًا تعجيزيًا، فمن هذا الذي يريد قيادة أمة ودولة وهو غير كافيء؟ إلا أن يكون قبيحًا في نواياه وأخلاقه وعقيدته وسيرته، كقبح وجه بل أنف.

وهذا الميزان إذا صدق على إمارة المؤمنين كلّهم: فإنه يصدق أيضًا على إمارات كثيرة دونها، بمقدار يتناسب مع ما فيها من تبعات ومسؤولية.

 

تربية الذات بحلاوة اللّذات

–        الحياة من شأنها الحركة، وإذا لم يحركها الثقات: استبدّ بها المنحرفون..!!

–        وهناك ثمة دافع نفسي يليق أن نستجيب له مهما سيطرت علينا نوايا الزهد وملنا إلى السلامة وقلة المخاطرة، ويتجلى هذا الدافع في أن المؤمن الثقة الذي يغرس ويبذل ويرعى : يحب أن يستمتع بثمرات غرسه، وأن يذوق الحلاوة ..!

 

–        فنحن .. والحياة .. وجودان متكاملان .. متلازمان ..

ونحن عمّار الأرض … فلنا الحياة .. وبالمبادأة .. والاقتحام .. تصير لنا الحياة ..

 

الواهمون … يرعون الغموض

–        إنّ العيوب الفردية التي شوشت على الناس استقرارهم النفسي ورفعت عنهم البركة والنعمة : تبقى أقلّ شأنًا من العيوب العامة التي تصيب المجتمع كله، فيمرض مرضًا جماعيًا بعللٍ أنكى وأشد نخرًا وتسبيبًا لأنواع العطب.

–        وجوب رصد الأحوال الأخلاقية، والبُنية العاطفية، والنشاطات الاقتصادية والسياسية، وقضايا الحروب والثورات، لنكتشف حقائق عن سعة البلوى العامة في الأمة وحجم الانحراف الكبير.

–        لا لنوسعها مسبة، فإنّ المسبة والتقريع إذا تجردا عن المعالجة صارا من جملة العيوب والخلل، ولكن لكي نرسم أمام الدعاة والأحزاب والجامعات والمؤسسات البحثية والحكومات والمنظمات الإقليمية : خارطة الإصلاح والاستدراك الواعي الموافق لمراد الله وشرعه، ولكي نعين خطط التنمية على إضافة الخصوصية الإسلامية إلى مجرد النظر التخطيطي المستورد من الغرب والأمم الأخرى، فإنّ أمورنا لا تعالجها أموال فقط وصناعات وعلوم ومناهج تدريب، وإنما يلزمها أيضًا طِب قلوب، وتوحيد، وعبادات، وأخلاق، وعواطف، ولغة، وتحليقات روحية، وأنماط منهجية، وعدل، وحرية، ومنح حقوق، وسيادة قانون … وعلم باستراتيجيات الحركة الحيوية.

 

وختامًا :

المؤمن فقط هو الذي يستمد من الفقهاء النظر، فيصبر على الناس، وتتضح له هندسة الإصلاح، فيشرع يملأ فراغ القلوب ..

والدعوة الإسلامية فقط هي التي يوجهها دين وفكر وتخطيط أصيل ..

وهي فقط .. التي تعرف أسرار تحريك الحياة .. وتتقن التربية .

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *