عام

ويُورق غصنٌ جديد

Views: 778
 
ويُورق غصنٌ جديد

مع طلعة الشمس البهية وأنفاس الصُّبح المقاوِم، طُويَت اليوم صحيفة 29 عامًا بكل ما فيها؛ ففي مثل هذا اليوم وُلدت، في محافظة “إب” في اليمن، أواخر رجب/1404هـ، سُميت بأفضل الأسماء وأهم حادثة، فجُعِلَت أحب سورة إليّ “سورة الإسراء” والتي أرى فيها منهج حياة، مبدوءة بالتسبيح مختومة بالتكبير، مُبشِّرة بالنصر، وفي آياتها تفاصيل الطريق.

وأنا أسترجع شريط حياتي استوقفني تقدير الله في أن أعايش ظروفًا ومراحل عُمرية مختلفة لأفهم مجتمعي أكثر ولأستحضر نِعَم الله ولطفه الدائم، كما استوقفتني محطات: ذنوبي، أماكن معيشتي، إنجازاتي، وإخفاقاتي، وقافلة من الأحباب مَن عرفت منهم ومَن لم أعرف.

فذنوبي أعرفها وأسأل ربي أن يسترها عليّ في الدنيا والآخرة فهي ضعفي وألمي، أما أماكن معيشتي بين الريف والمدينة ثم المخيم والمدينة والقرية؛ فإنها صاغت مفاهيمي وأذابت الحواجز النفسية مع البشر وكله لحكمة أفهمها كلما دنوْت من الناس أكثر، فأحبهم وأقدر هذا التنوع العجيب في طرق التفكير والنفسيات والعادات؛ فسبحان الله العظيم.

أما إنجازاتي فأرى أنها على قلتها وتوزعها على مراحل حياتي المختلفة كان أفضلها تلك المراحل التي شهدت مشاركتي في المسابقات إذ روح المنافسة والتعرف على قدرات المنافسين من مختلف المناطق توسع مدارك المرء وتجعله يلغي من تفكيره “الأنا” التي يُخيل إليه ما من أحد أفضل منه، تعلمه أن يتواضع ويقبل النتيجة ويجتهد ليحسِّن أداءه، و هذا أجمل ما عاد إلى روحي في مرحلة دراستي الماجستير وما بعدها، وكل الدروب من غير ملازمة القرآن: ضياع.

إخفاقاتي أحبها لأني بها اكتشفت أخطائي في التفكير، والتي ما كانت لتُصحح دون أشخاص ينصحون بصدق وسهولة؛ لأتعلم ما يأتي:
– أني بشر ولستُ ملاكًا وليس من حقي التصرف كذلك أو مطالبة الناس بذلك.
– المثالية في التفكير والطلب لا تتفق مع الواقع.
– عليّ أمام كل شيء أن أعرف ماذا أريد أنا؟ وأن أكون أنا.
– أن أعبّر عما أريد دون حرج أو قيد وأن أعترف بحاجاتي ولا أنكرها.
– يمكنني مواجهة أخطاء التربية إن عرفتها؛ بالاعتراف بها ثم تغيير ما يمكن أو إيصال الرسالة لمن أخطأ وأن لا أكرر الخطأ مع غيري.
– أن أختار ما أحب أي لا يكون اختياري قائمًا على ما أكره بدافع شعور الإجبار.
– التعامل بأريحية ولكل مشكلة حل.
– أن أكون أنثى.

صعب هو شعوري بتأخر إدراكي ووعيي لأمور تعتبر اعتيادية لدى كثيرين، لم أجد مَن يوضحها في سن أصغر، فما تعلمته بالحوار والنقاش والانفتاح الجزئي على ثقافات متعددة بعد سن 24 أكبر بكثير مما تعلمته قبلها، وأكثر تغييرًا فيّ من الحوادث والابتلاءات، ولعل السبب أن الأخيرة تربطني بالله أكثر وتدفعني لأراجع نفسي باتجاه ما، بينما الحوار يوجهني في حياتي ويؤثر في موازناتي ونظرتي للأمور ربما بواقعية أكثر.

وأرى من أهم ما تعلمته وبات عندي سلوكًا:
– أَوْجِز تُنجز: استثمارًا لوقتي ووقت مقابلي، ومباشرة في إيصال الفكرة، إيجاز في كل شيء قد يُضيع رصيدي: محادثات، اتصالات، استطرادات، جِدالات.
– المواجهة: مواجهة المواقف والأحداث والآراء، مواجهة الأخطاء والاعتراف بها، مواجهة الضغوط، مواجهة الخصم والمختلف معي بالرأي، وهذا أفضل من الغِيبة والقيل والقال وأدعى للتثبت من المسموع والمقروء وجهًا لوجه أو كتابيًا إن أمكن، ليسلم الصدر وتصفو النفس من الكدر.
– الخروج من محدودية التفكير المتمثل في محدودية الخيارات إلى سعتها، فهي ليست خياريْن فقط، وليست أبيضًا أو أسودًا فقط، وهذا يتطلب جهدًا أكبر ولكنه مريح أكثر.
– الجمع بين البساطة والجمال.

أما حاليًا فأهم ما أرجو تحقيقه:
– أن أجد وظيفة منتظمة.
– أن تقوى حُجتي في الحوار وتنتظم أفكاري بسرعة، وأعبر عنها دون شعور بتدافع ما يرد لخاطري؛ وفقًا للقول: “قرر بسرعة وتكلم ببطء”.
– أن أطوِّر اهتمامي في مجال “الإخراج المسرحي”.
– أن يصبح لدي قبول نفسي لكل المخالفين لرأيي – فهم عندي ليسوا سواء- 🙂 .

ومع ميلاد عام جديد أسأل الله أن يجعله خيرًا في خير، وأن يكون لي ولكم خيرًا من سابقه، فهذا عام مزدحم من جميع نواحيه، وأن يُقربني إليه ويرضى عني ويرحمني، ويعاملني بما هو أهلٌ له، وأن يجعل كل حياتي له؛ به ومعه وبحسن التوكل عليه.

 
ولكل مَن أعرف شكرًا جزيلًا، ورضي الله عنكم، وجعل حياتكم عطاء مستمرًا، وسعادة دائمة.
والحمد لله رب العالمين
 


إسراء
20/جمادى الآخرة/1434هـ
30/نيسان/2013م

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *