قمم وأطيار، روافع ودوافع 05/2013م
من نافذة غرفتي لا أُبصر إلا القِمم، قمم هضاب مترامية، وقمم أشجار عالية، وبيت قريب من قمة جبل، مُشرف على وديان وسفوح متواضعة، وللجبال حكايات الشموخ والعلو، ليس لترى كل ما حولك ودونك صغيرًا، بل لتعانق السمو فتصفو بعد كدر، وتنتعش بعد ركود، وترى تلك البيوت بما فيها من هموم متضائلة في الصغر أمام عظمة مَن خلق كل شيء، وترى المساحات الشاسعة توسع صدرك كلما ضاقت بك الأحوال وخنقتك ماديات الحياة وجفافها، وترى الصقور تحوم فتقول وأنا؟ أطيار وطُرقات وبيوت وحركة دائبة ملامح بسيطة لحياة نابضة مستمرة لا تتوقف.
أما الأطيار فلهم أغنيتان في صبح ومساء، بعد الفجر وقبل المغرب، لحظات جميلة متشابهة، الفجر يأذن لهم بحديث يسترسلون فيه، أصوات غنية منعشة متنوِّعة، تصغي إليها وكأنك تستمع لحكاية، وكأنهم يتبادلون الأمنيات والآمال، يبثون في كل شيء حياة، ثم ينبعثون في الدروب حاملين رسالة السعي والتوكل على الله، يجِدّون ويحملون الخير، ثم يعودون آخر النهار في آخر ساعة فرادى يلتقون على الأعشاش يبثون أغانيهم من جديد، يفضفضون، يتناقشون، يحدثون بسيرة يومهم، ولا يصمتون حتى يغشاهم الليل فيسبتون ويهدؤون.
وبين القمم وأحاديث الأطيار روافع للسمو ودوافع للتغيير، فليت همتي تعانق القمم وأغدو كالطير في شدوه صبح مساء.
وهكذا ينقضي أيار موجزًا أسعد بمشاركتي في فعالية النكبة ضمن انتماء، وسعيدة بالفتيات الطيبات اللاتي أثمرت مبادراتهن خيرًا، وسعيدة بما كتبت ونشرت.
ينقضي وبين يداي حشد من الأفكار التي بحاجة لتدوين وتفصيل، ويبقى للتأمل رونقه في كل حين، أيًا كان مصدره من الداخل للخارج أو العكس.
إسراء
21/رجب/1434هـ
31/أيار/2013م
