عام

أختي الحبيبة

Views: 1056

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أختي الحبيبة،،

إليكِ يصوغ بناني كلماته،

إليكِ يشق الحرف ظلمة الليل،

إليكِ فقط تسطع للبيان شمس..

إليكِ..ونحن نتقاسم علقم الحياة حنظلاً يُبقي الرمق حياً، وأحسبكِ تشتاقين كما أشتاق وتعيدين الذكريات حنيناً لفجر،وترقبين انبلاجاً للمحنة يسود به الحق ويُرفَع الظلم.

نعم..وتسرحين في لحظاتٍ مضت، تأملين أن تُنجِب أخواتاً أجمل وأبهى وأصفى!

 رويدكِ، تمهلي، رفقاً بقلبي المنفطر، فإني لا زلتُ أتنفس عبق لحظات كنا فيها سوياً، وأرمق في الماضي حضارةً للدين بُنيَت، وأجساداً في رضا الله فَنِيَت، وآثاراً لأقوامٍ اندثرت، وأسترجع فيما مضى حِقَباً لدعوةٍ امتدت، وفي سبيل الله عظُمَت، تعاقبت عليها المِحَن والفِتَن والابتلاءات؛ فكانت كالذهب كلما صُهِر وضُرِب خلُصَ وبَرِق، ورغم ذلك خرّجت رجالاً أفذاذاً ونساءً كُنّ للحق لواءً، وعفا الزمن وبقيت آثارهم تروي للخلف حكاية السلف، وتُنبئنا أنّ في حاضرنا متسع لابتلاءات تصقِل وتهذِّب وتغربل وتختبر.

ولا أدري أيْ أُخيّة أفقهنا أم لا زلنا في غيابتِ الجُبِّ أم أننا إلى الدنيا بتنا نهاجر؟!

 يروون حكاية امرأة قدّمت للدين شعرها المنثور، وأخرى أبناءها، وثالثة حبيبها الزوج المجاهد، وعن نساء تبرعن بالذهب وقوت اليوم وصلتني أخبار، وفتاة عشرينية في المنفى مع زوجها بعيداً عن الظلال الوارفة والأبراج العالية، وبرغم ذلك ينطلقن في دروب الحياة مجاهدات صابرات بِعن الدنيا بالآخرة، وهل يستوي مَن يشتري الآخرة بمن يشتري الدنيا؟!

 في القرآن الكريم ورد الابتلاء ومشتقاته سبع وثلاثين مرة ، فهل نعجز عن صبر لا ينوء بهذه الآيات، ويكأننا نقرأ القرآن ونُغفِل معانيه وهو البلسم الشافي والرياض الزاهرة.

حبيبتي..

انظري معي إلى سُنَن الله؛ فسُنة التدافع تشير دائماً وتؤكد باستمرار على أن الغلبة للإيمان وجنده، وهذا ما تؤكده عشرات الآيات القرآنية، ومنها: ” وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ”(الروم : 47). والآية الكريمة: ” وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139) “(آل عمران) . وقوله جل جلاله:” وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)” (النور)

 إن شرط غلبة أهل الحق على الباطل أن يكونوا مع الحق، وأن يكونوا حقاً من أهل الفضل؛ فإن استوى الفريقان في معاصيهم وانحرافاتهم؛ فالغلبة تكون للقوة والعد، وهذا ما يشير إليه الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بدقة في وصيته إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قائد جيوش المسلمين إلى فارس، حيث قال: (أما بعد .. فإني أوصيك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو، وأقوى المكيدة في الحرب. وأوصيك ومن معك بأن تكونوا أشدّ احتراساً من المعاصي منكم من عدوكم، فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم.. فإن لم تغلبوهم بفضلكم غلبوكم بقوتهم. فلا تعملوا بمساخط الله وأنتم في سبيله).

 هؤلاء أهل الحق ومَن أراد أن يعرف أين الحق فلينظر حال أهل الثغور، وفلسطين ثغر عظيم ؛ ونحن المرابطون ونبقى في كل حياتنا أُجرَاء عند الله عزوجل؛ فماذا يليق بهذا المقام ؟!

 وإني لفي شوق عظيم لضمة لكِ إلى صدري، ولنظرةٍ حانية تلتقيها العيون، وابتسامة تعلو محياكِ تُعلِن دوماً أننا من أهل الصبر والرباط والثبات، وحتى ألقاكِ لكِ ودّي أرسله مع نسمات الصباح الربيعية وقُبُلة أطبعها على جبينكِ حباً واحتراماً ورجاءً.


Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *