“كلا بل ران”؛ وآفة كلمة (عادي)

آفة كلمة: (عادي)؛ ران .. طبع وختم فقفل ..
من أكثر الكلمات التي بتُّ أسمعها “عادي” .. سلوك خاطئ يُبرر: “عادي” .. قلة حياء “عادي” .. معصية “عادي” .. “هي الكل بعمل هيك” .. “صار عُرف” .. “صار دارج” .. بذريعة التصرف في دائرة البشرية! ..
باتت هذه الكلمة حين أقترب من لفظها كالمنبه للحذر والتساؤل: هل حقًا هذا عادي أم صار عاديًا بفعل تمييع الثقافة وانحدار الأخلاق؟! ..
عادي حين نريد تشريع كل شيء أو تمريره .. لأن النفوس طُبِّعت على الخطأ بفعل تكرر القول والمشهد إعلاميًا ومجتمعيًا ..
صارت مشاهد الخلاعة عادية فما من أحد ينكر ذلك في محافل المجتمع وحتى في الجامعات والأسواق ..
غراميات وتجاوز للدين والعُرف بدعوى عادي لأن هذه الأفعال تم تمريرها على العقل والنفس من خلال روايات ومسلسلات فصارت تشريعًا سالخًا للواحد منا عن موروثه الأخلاقي والديني معًا ..
وصدقت لمى خاطر حين حدثتني بقولها: (كل واحد منا في نفسه يدرك الصواب من الخطأ) ..
نعم ولكنه يتعامى عن ذلك ليمرر هواه ويرمي وراء ظهره كل شيء فقد خرج حب الالتزام بالمنهج من الدم ليصير عبئًا يراد التخلص منه! ..
ما العلاقة بين السرد والعنوان؟ ..
يقول تعالى: “كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون” ..
حين يُغلف القلب بهواه .. بشهواته .. برغبته بالجنوح عن الانضباط إلى غيره فإن هذا الهوى كالذنب ينكت في القلب نكتة تلو الأخرى حتى يغلفه الران ..
في هذه المرحلة يصلح الذكر ما أصاب القلب ولكن إن اكتمل هذا الران طُبع عليه وخُتم فلا يسمع ولا يعقل حتى يقفل الله عليه قلبه؛ فلا يجد لذكر الله حلاوة ومسًا في قلبه..
إنه: الحجب عن رب العباد ..
إننا في حاجة للوقوف وعدم تمرير كل شيء وأي شيء فلا يوجد شيء اسمه “عادي” بل يوجد ما يرضي الله وما يغضبه .. ما يوصل للجنة أو يوقع في النار ..
في القرآن الكريم ألفاظ:
ران؛ أكنة، طبع، ختم، أقفال .. مرتبطة بالقلب فإن صح؛ صحت النية والعمل وإن مرض أو تشوه؛ تشوهت النية أو العمل أو كليهما ..
هي وقفة تذكير لنفسي أشارككم بها .. فكم من قاع نهبط إليه ونحن نحسب أن الأمر عاديًا وهينًا ..
يا رب لا تجعلنا أهون الناظرين إليك .. واجعلنا ممن يحللون حلالك ويحرمون حرامك .. يا رب لا تجعلنا من الأخسرين أعمالًا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا ..