عام

أثر وضريبة وانتصار

Views: 3000

أثر وضريبة وانتصار

من قال: أن الحجر في يدِ الثائر لا يُدمي؟ وأن البندقية في يد القناص لا توقف زحفًا؟ وأن رباطك على أرضك لا يقهر محتلًا؟ وأن الكلمة لا تصنع وعيًا؟ وأن المقاومة لا تهزم جيشًا؟

من قال: أن في الانحناء وخفض الرأس والصمت والركون للواقع والرضى بالمذلة والانصياع لسلب الحقوق وتجنب المشاركة الفاعلة؛ سلامة وراحة وأمانًا، وحماية من الموت أو دفعًا للثمن بإرادتك أو رغمًا عنك؟

في الأولى تعظم الأثمان؛ تُجرح، تُحرق، تُسجن، يُهدم بيتك، تُصادر أموالك، يُعدم أهلك، تُشرد، ثم ماذا؟ عشتَ حرًا أسلمت الأمانة التي أودعها لك مولاك، فإن حل الأجل رُفعْت فوق الأعناق ورَفع الله لك ذكرك.

وفي الثانية تعيش خافض الرأس تتجرع المذلة ولا تستسيغ للحياة طعمًا، لا تحفل بالعطاءات ولا تجاريها ولا تملك إلا حسرة تأكل فؤادك، وإن مت فأخرس زائد على الحياة مات ذليلًا.

لا يرى شانئو الفعل الثوري إلا الخسارة، فالغشاوة تقف بهم عند حدود الصورة لا تتجاوزها، ويعجزون بها عن مجاراة الحدث والصعود معه إلى غايته وإن قطفوا بعد حين ثمار الفاعلين!

فيما ينظر الثائر أنه يقدم كل ما يملك في سبيل فكرة معلقة بها روحه، مستلذًا بنشوة فرح العطاء، ومستمتعًا بما تتلوّن بها لوحته؛ النار والرماد، الدم والتراب، الحجر والزجاج، الكر والفر، الضحك والصراخ، اللهفة والانتظار، والألم والبكاء.

وحين يواجه المصير، ويرفع عدوه الثمن فاتورةً لفعله، وإن كنا نخاف أن يتقهقر، أن يندم، وينتظر المثبطون منه ذلك بيقين؛ فإن ما لا يجب أن يغيب عنه:
أنك كلما أوجعتَ ارتفعت الضريبة
فافرح ببيعك فإنك منصور، وعدوك مخذول مقهور مهزوم.

وكلما أغاظهم وفتك بقلوبهم فعل مؤثر رفعوا الفاتورة؛ فالغرامات الباهظة، وهدم البيوت، والأحكام التعسفية العالية؛ كلها ثمن يُدفع، كذلك إخواننا المرابطين في المسجد الأقصى حين يُبعدون عن مسراهم بحكم قضائي، وعلى ذلك قس وقارن.

يحسب العدو ومن خلفه المثبطون دعاة الراحة والسلام؛ أنهم كلما رفعوا الثمن راقصتهم الريح ولانت لهم العظام، ويغيب عنهم قانون الفيزياء (لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه)؛ وأن رد الفعل المختزن المشبع بكل الألم والحقد وإرادة الانتقام المتراكم لا بد له من أوانٍ لينفجر ليس على شكل هبَّة يمكن ترويضها بل ستشبُّ عن الطوق وتكسب السباق.

ومن يرى هدفه واضحًا فعليه أن يجمع همته ولا يثني عزمه خوف أو حسابات دنيوية؛ والنصر دومًا لمن لا ييأس، ولا ينهزم. يواصل ولا يرى إلا غاياته.

إسراء خضر لافي
13/شوال/1435هـ
09/آب/2014م

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *