عام

غزة وبريق الذهب

Views: 2040


في المناجم تُستخلص المعادن، يُحمى عليها حتى تَخلُص من شوائبها؛ ثم تُشكّل فتجذب الناظرين بألوانها وأشكالها، فتبهجنا وتثير فينا رغبة امتلاكها.

وفي الحرب على غزة؛ قدر الله أن تحتشد لنا الصور والنماذج واستُخلص أصحابها من بين الجمع الكثير، فتوضحت لنا الرؤية، وكشفت لنا عن معادن من الرجال والنساء والولدان، ما كنا لنرى بريقهم بغير نقع الحرب، الذي لطم وجوه المتخاذلين وأسمعنا صوت الثقاة الثابتين.

تأسرنا النماذج، تستقر في وجداننا، تثير دموعنا، وتلهب حماستنا، وتوسع مداركنا، تدعونا للبحث، للاستفسار، للمقارنة، لطلب الوصول إلى أبعد مما وصلت إليه.

تجذبنا كبريق المعادن النفيسة، فإن كانت الأخيرة تثير فينا رغبة التملك ونحققها نسبيًا؛ فهل تأخذنا النماذج الخالصة إلى توطين حياتنا على ما وطنوا أنفسهم عليه؟ وعلى التهيئة وإعداد النفس ليوم تُرد فيه الودائع، وتُكشف فيه السرائر، ويتمايز من أعدَّ نفسه وماله وأهله للتحرير والخلود في الجنات، عمَّن أعد نفسه وماله وأهله لفانية وتجارة بالية؟

فهل بريق الذهب يسلبنا النظر؛ أم يمنحنا النور لنبصر فيه عجزنا وقوتنا فننطلق على بيِّنة؟
لسنا بحاجة للحرب حتى نكشف ما دُفن من نماذج بيننا في غمرة سعينا المحموم متعدد الاتجاهات في حياة تحركنا مستجداتها وتأخذ بنا إلى النماذج المحيطة وتصرفنا عن رؤية الأقربين.

بريق الذهب المرحلة الأخيرة؛ فإما جذب وامتلاك أو تمتع وانصراف، فهل نبذل له ما نحققه في ذواتنا؟

إسراء خضر لافي
26/شوال/1435هـ
21/آب/2014م

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *