غزة توحدنا والمقاومة تجمعنا

التفاف شعبي واسع حول غزة؛ حبًا وتقديرًا وتعاطفًا وتأثرًا، بدا جليًا في عدة حملات رمزية مختلفة عمت كل فلسطين؛ الداخل والقدس والضفة، في لوحة وطنية جامعة لا تعكس فقط التأثر العميق بل الاصطفاف حول الخيار الذي قررته حروف المنكوبين في غزة رغم كل الجراح وهم يحيون المقاومة ولا يفتأ لسانهم عن الحمد والاحتساب؛ رغم القتل والتشريد وهدم البيوت.
هي المدرسة الغزيّة حين تقرر الإيمان قاعدة للمواجهة والثبات فالانتصار.
أما الحملات التي وحدت فلسطين هذه الأيام فهي:
– قهوة وتمر؛ وهي دعوة للتخفيف من مظاهر الترف في الضيافة، والتخفف من الإسراف بدعوى الفرح.
– الدعوة لوقف مظاهر الاحتفال من تزيين للشوارع وإطلاق للمفرقعات إذ غزة مكلومة منكوبة.
– الدعوة لاستبدال ثياب العيد الجديدة بقمصان سوداء أو بيضاء؛ مطبوع عليها عبارات مختلفة، من مثل: عيدنا انتصار غزة، غزة نصركم عيدنا، غزة في القلب، كلنا غزة، وكلنا مقاومة، والتي ارتداها شباب وأطفال، وتم توزيعها في عدة مناطق مجانًا، وتم بيعها في أماكن أخرى، وقد شهدت صلاة العيد في المسجد الأقصى مظهرًا موحدًا جامعًا.
– مسيرات ليلة العيد في الداخل والتي خرجت لتهتف لغزة ولتدعُ الناس للاقتصاد في الأفراح.
– إلغاء الحركة الإسلامية في الداخل لكل مظاهر الاحتفال وتبادل التهاني المعتادة.
– صلوات عيد جامعة في أماكن عامة بدعوة من الحركة الإسلامية في الداخل والقدس ونابلس والخليل.
– مسيرة حاشدة في المسجد الأقصى بعد صلاة العيد لم تهتف سوى لغزة والمقاومة.
هذه المظاهر الوحدوية استفزت الاحتلال حيث قام قبل العيد بمصادرة كمية كبيرة من القمصان على حاجز الكونتينر، وصبيحة العيد قام باعتقال شابين في العيسوية لارتدائهما قمصان التضامن مع غزة، وحاول منع وصول المصلين إلى القدس ولكن الأمور خرجت عن سيطرتهم.
ولم تقف مظاهر العيد عند هذا الحد بل توقف سيل رسائل التهنئة بالعيد بالصورة المعتادة، وخيم التأثر على ما جرى ويجري في غزة، وتوحد الدعاء لها؛ للشهداء والمقاومين ولأهلها الأخيار -والله حسيبهم-.
ويمكن القول أن هذا المشهد يشكل علامة فارقة في الحاضر والمستقبل؛ وهو يجسد وحدة الشعب الفلسطيني، ويعيد تشكيل الوعي بما يخدم الهمّ الجامع؛ تحرير الإنسان والأرض وانتزاع كل الحقوق المغتصبة.
كما أظهرت هذه التجربة إمكانية أن يقتصد المسلم في الفرح، فالفرح ليس بالمفرقعات ولا بما لذ وطاب من الأصناف ولا بالثياب الجديدة؛ وهي كلها شكليات لا تضيف على ما في القلب شيئًا؛ والفرح الحقيقي هو فرحنا مجتمعين بتوحدنا وانتصار المقاومة.
وكل عام وأنتم وغزة والمقاومة بخير.
إسراء خضر لافي
02/شوال/1435هـ
29/تموز/2014م