عام

القدس وبيئة التحرير

Views: 2285

القدس وبيئة التحرير

القدس المحتلة المدينة الأكثر احتقانًا من حيث ممارسات الاحتلال ومؤسساته، وقد شهدت هبة القدس في تموز مؤشرات قوية إلى حجم الغضب في الأراضي المحتلة عام 1948 والقدس، وإلى أن أي مواجهة قادمة ستكون القدس في طليعتها.

وفرة الأهداف في مدينة القدس وعدم وجود انتداب أوسلوي يمارس العمالة واصطياد الناشطين ضد وجود الاحتلال وفرا بيئة حاضنة قوية لأي رد فعلٍ مقاوم تجاه ممارسات المستوطنين الذين كثفوا في الأعوام الثلاثة الأخيرة اعتداءاتهم على المسجد الأقصى، وساهمت حالة القمع بالاعتقال والغرامات العالية والتهديد بالأحكام العالية إلى رفع منسوب التحدي والانفجار في وجه سياسات الاحتلال.

ومن ناحية أخرى فإن بشاعة أعمال المستوطنين من خطف وحرق وشنق تتطلب مواجهة من ذات النوع ضمن سقف الممكن المتوفر لمن فهم أن مسؤولية المقاومة فردية بالدرجة الأولى، والجزاء من جنس العمل، وهذا الجزاء يأتي ضمن فاتورة الدم التي بدأها الاحتلال بكل تشكيلاته الدموية في دير ياسين، فإن ذكرونا بقيامِ احتلالهم ذكرناهم بحقنا باسترداد أراضينا وعودتنا، فنحن وإن تقادم الزمن ما نسينا.

أما ارتفاع عدد منفذي عمليات المقاومة فهو صفعة للاحتلال ومخابراته وعملائه، ويعني أن إمكانية تحرر العمل المقاوِم من الانكشاف والمنع عالية، وربما الصفعة القوية كانت في الخليل بتنفيذ عملية الخطف في حزيران الماضي والتي كُشفت خيوطها ببصمات سلطة انتداب أوسلو، وهذا لم يتوفر في القدس ليس فقط لأنها غير موجودة بل لأن العمليات كلها مواجهة في ساحة موت قتل واستشهاد، وفاء لبيعة مع الله: “إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون”.

هذه الثمار المقتطفة في القدس المحتلة نبتت من رحم المواجهات المستمرة منذ خمسة شهور، إذ توفرت ساحة ميدانية تكشف للمقاوِم صديقه مِن عدوه، وتوفر له مساحة تفكير وهمة مشتعلة لا يتسلل إليها فتور، وتحيي فيه واجب المقاومة للتحرير على درب بدأه عز الدين القسام في 1935 ومن قبله في ثورة البراق عام 1929م.

ساحة المظاهرات والمواجهات والاعتصامات والغضب المستمر تجاه كل اعتداء ثقافة يجب النجاح فيها إذ صناعة هذا الغليان أو “الفوضى” كفيل بترتيب بيئة التحرير وكشف الاصطفافات وتطهير الذوات الفردية والجماعية، وتعرية الادعاءات والشعارات أمام الصدق في العزم المترجَم عملًا مؤثرًا.

إسراء خضر لافي
25/محرم/1436هـ
18/تشرين ثاني/2014م

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *