مع المرأة#1 | الثورة الناعمة؛ النساء في الميادين
مع المرأة #1
الثورة الناعمة؛ النساء في الميادين
منذ 2008 انتظم رباط المقدسيات في ساحات المسجد الأقصى لمواجهة قطعان المستوطنين وللحفاظ على الوجود الإسلامي في ساحاته، رباط تعرضت فيه النساء للإبعاد لفترات متفاوتة رابطن خلالها على الأبواب، فيما تحركت النساء في الضفة الغربية بشكل منتظم منذ 2011؛ حركن فيها الراكد، وأعدن وجود المرأة الإسلامية إلى واجهة الحدث، تنطق بلسان الحال عن معاناتهن وعائلاتهن تحت ظلم مركب من سلطة أوسلو والاحتلال معًا، وتعبر عن الرؤية الخاصة لهن من مختلف القضايا التي تتبناها، وإن كانت النساء تحركت في أوقات سابقة وتعرضت للقمع كما في عام 2009 في الخليل.
الدرب الطويل الذي تتناوشه العقبات والتحديات من كل جانب، هو الطريق الذي تختاره المرأة أو يختارها لتكون فيه عنوانًا أو مَعلمًا، طريق المواجهة والثبات والإصرار على انتزاع الحقوق بأبسط الإمكانيات التي تملكها أو كل ما تملك تقريبًا، بالاعتصام أو الرباط، بالمظاهرة أو الهتاف.
وخلف الخروج إلى مواطن الرباط مئات الحكايات والمواقف التي تبدأ بالأهل الذين يتشربون مواقف المحيط أو يُخيل إليهم افتراضات قد لا يكون لها من الواقع أي رصيد، رفض الفكرة التي تخرج إليها والتثبيط وكسر المجاديف، والانتقاص من دورها في تغيير الحال، انتقاص قد يكون ناشئًا عن نظرة يائسة لتغير الواقع، أو كونها ضلعًا قاصرًا ضعيفًا، وفي مواقف أخرى نابع عن نظرة لا ترى للمرأة إلا البيت فقط!
ويحضر دائمًا الثمن والنتيجة كوسيلة للضغط عليها، وذريعة كي تُمنع من الوصول إلى غايتها بالاعتصام أو الرباط على حدٍ سواء، وإن كان هذا التذكير تمحيص من الله عز وجل للنية وللهمة.
هو الطريق الذي وحَّد نساء الضفة لا سيما الخليل مع نساء القدس المرابطات، الطريق الذي وجدت المرأة نفسها فيه وحيدة بعد اعتقال الزوج أو الأب او الابن أو الشقيق، أو وجدت نفسها في مقدمة المواجهة كحل بديل لإبعاد الرجال الذين كانوا بداية الاستهداف.
اختلفت وجهة المواجهة ولم تختلف معالم الطريق، امرأة آمنت برسالتها، وبالفكرة التي بين جنبيها، ولم يثنِ عزيمتها لا تثبيط، ولا منع، ولا تهديد، ولا استدعاء ولا إبعاد.
ولهذه الطريق ثمرات وأبعاد أكثر من النتيجة اللحظية، في بناء جيل يعرف أن الحقوق تُنتزع، وأن التغيير لا يعرف جنس فاعله، وأنه إذا كان الإيمان نصف الطريق فالثبات نصفه الآخر، وأن الآثار بعيدة المدى عميقة الجذور تُسقى بالصبر وطول النَفس.
كيف يمكن أن نتقن السير دون “وجادلهم بالتي أحسن”، ودون “فإذا فرغت فانصب”، ودون “واعتصموا بحبل الله”، ودون (إنما النصر صبر ساعة).
المرأة التي تربي فنرى معالم تربيتها بعد سنوات خمس بملامح طفل مهذب نبيه، هي ذاتها التي سنرى ثمار جهودها بعد سنوات الله أعلم بعددها ما وازنت وثبتت واجتهدت وأحسنت في نفسها ومحيطها وعملها.
إذا فهمت المرأة رسالتها، وعقلت دورها، وآمنت بقدراتها، وفقهت ما تتطلبه المرحلة منها؛ فإنها وبلا شك كفيلة بأن تصدِّر عشرات النماذج القوية التي لا تتوارى بحجابها بل تتقدم وتُقدِّم.
إسراء خضر لافي
02/جمادى الأول/1436هـ
20/شباط/2015م