عام

استنزاف الكوادر البشرية أسباب وحلول

Views: 1646

تعتبر الموارد البشرية أهم عناصر أي عملية إنتاجية سواء على صعيد تنفيذ الأفكار وصناعتها أو ابتكارها أو على الصعيد الصناعي والمهني، وتقوم الحركات والأحزاب والحِراكات الميدانية المختلفة على الكوادر البشرية التي ترفد أعمارها أعمارًا باستمرار الفاعلية الميدانية والإلكترونية؛ أي استمرار الوجود ككيان قادر على العطاء.

قد تُستنزف هذه الموارد البشرية في حالة كفلسطين بالتغييب بالاعتقال والمطاردة والاغتيال أو تكرار الاعتقال من أكثر من جهة وهذا استنزاف على المدى الطويل قد يسبب الإحباط فالعزوف، وقد ينجح في تحييد العناصر مثله مثل سياسات الترهيب والتهديد والإبعاد، لكن الاستنزاف الذي أريد الحديث عنه هو ذلك النوع الذي قد يكون سببًا أو نتيجة.

يمكن القول أن أسباب الاستنزاف تقسم إلى قسمين؛ الأول: إداري وتنظيمي مرتبط بالنشاط، والثاني: شخصي مرتبط بالكادر.

أما يتعلق بالأسباب الإدارية المرتبطة بالنشاط؛ فيمكن أن نلاحظ أن العناصر الفاعلة غالبًا ما تشارك في أكثر من عمل ونشاط في الوقت ذاته أو المرحلة ذاتها، حيث يتسمون بالتجديد والحيوية وقوة الحضور إلى جانب الانضباط والمبادرة، مما يجعل القائمون على النشاط الميداني يعتمدون عليهم بشكل كامل، خاصة إن عُدمت المبادرات الفردية من خارج العناصر المعتادة، أو رأى الجدد في أنفسهم أنهم لا يملكون القدرة على مجاراة الواقع وترتيب شؤون النشاط، وإن رافق ذلك عدم توفر الجرأة الكافية لدى رؤساء العمل للاعتماد على عناصر جديدة.

مع الزمن؛ استمرار الاعتماد على ذات الكوادر دون تخفيف للأعباء وعدم إضافة كوادر جديدة يجعل النشاط والأفراد عرضة للروتين والاستهلاك فالاستنزاف، حيث يشكل رفد العمل بعناصر جديدة أهم عامل في توريث العمل وتجديده قبل أن يصبح أي شخص جديد عبئًا على استمرار العمل.

أما أسباب الاستنزاف على المستوى الشخصي فقد ينتج عن ارتباط الكادر بعدة نشاطات بحيث يكون على حساب الذات، أو لارتفاع الخلافات الشخصية مع واحد أو أكثر من أعضاء الفريق، أو بقاء الشخص على رأس النشاط رغم هجران بقية أفراد العمل للمشروع أو تحول بعض من أفراد المجموعة لأعمال أخرى فيصبح عرضة لليأس، وهذا يعتبر سببًا آخر للاستنزاف؛ خاصة إن اكتسب العمل شكل الحفاظ على الاستمرارية لا التجديد، إلى جانب الشعور باللاجدوى أو قلة المردود الشخصي وعدم تحقيق الطموحات، وذلك حين يصبح النشاط الذي يمارسه لا يلبي رغباته ولا يتوافق مع سقفه أو يتعارض معه.

ماذا نفعل حتى نتجنب ويتجنب مَن نعمل معهم مرحلة الاستنزاف؟

قبل كل شيء لا يوجد شخص متفرد بالإبداع؛ ولكن التجربة والخبرة تكسبان الإنسان المران الكافي لمواجهة ما يعترضه من مشاكل، كما أن تطوير ثقافة الإنسان ومعلوماته ومهاراته تكسبه المعاصرة والتجديد اللازمين لإضفاء حيوية تجعل من العمل ملائمًا لزمانه.

من المهم أن نعرف عمر العمل الذي يلزم معه إضافة كوادر جديدة؛ كل 3 شهور أو 6 شهور أو كل عام، مع الحرص على احتواء أي عنصر لديه مؤهلات جيدة للعمل وإن كان خارج موسم التجديد، وإعطائهم مهام محددة، ومرافقتهم حتى تستقر أحوالهم معها، وهذا التجديد لا يعني الاستغناء أو استبدال القدامى، كما أن مواعيد التجديد يفضل أن تكون ملزمة وليست على الخيار ولا تُترك للطوارئ.

كما يلزم تطوير مهارات العناصر التي يقوم عليها العمل، وسؤالها عن الجديد الذي ترى أنها يمكن أن توظف فيه طاقات الكوادر الجديدة حتى يُضمن بهذا تجديد العمل كمادة وعنصر بشري في آن واحد.

أحيانًا تكون الإجازات جزء من خطوة تسهم في وقف الاستنزاف، وتجدد الطاقات، وتعطي فرصة لمراجعة العمل والأشخاص لأنفسهم.

وفي أحيانٍ أخرى قد يكون الشخص لم يعد لديه ما يقدمه في المكان؛ وهنا الأفضل أن يترك العمل أو أحد نشاطاته التي استنزف فيها؛ ليفسح المجال لغيره حيث يكون هنا إضافة الأشخاص الجدد وتدريبها إجباري، وليفسح المجال لنفسه للبحث عن مكان جديد يجدد فيه نفسه ويختبر فرص جديدة وأشخاص جدد متخلصًا من خلافات الماضي وصراعاته.

تجديد المهام يفيد في تفادي حالة الاستنزاف، وارتباط الشخص بالعمل بفترة زمنية محددة قابلة للتجديد قد يسهم في الإبقاء على حيوية العمل وحيوية الأشخاص، ويجبر جهة العمل على إدخال كوادر جديدة وممارسة التقييم باستمرار، ويجبر العامل أو الناشط أو الكادر على أن يقدم أفضل ما لديه فبقاء الزمن مفتوحًا يبقيه عُرضة للتراخي والإهمال والتأجيل واللامبالاة أحيانًا.

إذا ارتفعت لدينا قيمة الموارد البشرية فسنحرص على الحيلولة قدر المستطاع دون خسارتها؛ فخسارتها أكبر وأهم وأصعب من خسارة الموارد والإمكانيات المادية.

إسراء خضر لافي

18 ذو القعدة 1346هـ

01 أيلول 2015مـ

نُشر على بصائر:

bsr.onl/?p=11996

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *