عام

الحياة مواجهات

Views: 1202

كم مرة تردد على مسامعنا أن الحياة مفاوضات؟ ورددنا على ذلك عمليًا بأن الحياة مقاومة، في الأولى والثانية كان الحديث عن العلاقة مع المحتل، ولكن الحقيقة أن الحياة الواسعة تستلزم مفهومًا أوسع يشمل حياة الفرد ومعاملاته ونمط حياته.

كثيرًا ما تُختزل الحياة في شعارات تُسهم في تضييق الخيارات، وتعزز السلبية والانكفاء، والهروب من مواجهة المشاكل، وبدلًا من أن نكون جزءًا من الحل نصبح جزءًا من المشكلة، ونبقى ندور في حلقة البحث عن الحل خارج حدود المشكلة وأطرافها.

فكم مرة يؤخر المرء عملًا وبنفس الوقت يهمل إبلاغ جهة العمل أو يهمل الرد على الهاتف تهربًا أو خوفًا أو لا مبالاة؟! وكم مرة يحصل خلاف أو سوء فهم أو خلل في نقل كلام لا يتسم بالمصداقية؛ فنأخذ موقفًا ونرفض معالجة الموقف أو نتهرب من إنهائه؟ وكم نهرب من الدائنين؟ أو حتى من أصدقاء سابقين ومن خصوم؟

تتعدد أسباب الهروب مثل الجبن، وضعف الثقة، والخوف من كلام الناس، وضعف القدرة على تحمل المسؤولية، والانتقاص من الآخرين، واستسخاف الجهود، والإهمال.

أما الحل فيكمن فقط في المواجهة، فهي تربي المرء على التحلي بالمسؤولية والشجاعة، والاعتراف بالخطأ والتقصير، وتسهم في اختصار الفترة اللازمة لعلاج أي مشكلة، وتعلم الإنسان التواضع، وتقبل الحق من الآخرين، وتعلمه أيضًا أن يعالج كل ما يعترضه أولًا بأول دون تسويف.

المواجهة تكاد تكون القوت الوحيد الذي يمد العروق بالدماء المتجددة التي تضمن للحياة الاستمرار بقوة بدون منغصات ولوم ووساوس داخلية، وهي صمام الوقت الذي يعصمه من الإضاعة في معارك جانبية يمكن اختصارها بالحل الجذري من لحظة وقوع المشكلة أو الموقف أو التشخيص.

نواجه المحتل بالمقاومة، والجهل بالعلم، والظلم بكلمة الحق والقوة إن لزم، والخطأ بالاعتذار، والرفض بالتعبير عنه دون مواربة ولا هروب، والكلام المنقول بالتثبت، وسوء الظن والفهم بالسؤال والاستيضاح، والمعصية بالتوبة، والفشل بالنجاح، والتردد بالإقدام.

الصدق والوضوح والصراحة؛ ثلاثية إن أُحسن استخدام اللفظ والأسلوب واختيار الظرف الزماني والمكاني لها تبقي علاقاتنا في دائرة الاحترام المتبادل والتقدير، وتضمن لنا أثرًا طيبًا لا يزول.

نعم لشعارات تصدقها الممارسة والالتزام، نعم لشعارات تعزز فينا الإقبال على الحياة بعزم وصدق وجِد، نعم لشعارات تربينا وتعلمنا أن نكون على قدر ما نحن له، وعلى قدر ما نُلزم به أنفسنا.

المواجهة هي السيف الذي يبتر السلب ويضع له حدًا ويعيد توجيه دفة الحياة بشكل أفضل وأرقى، فمعًا ليكون: الحياة مواجهات، شعار حياة.

إسراء خضر لافي
27 ذو القعدة 1436هـ
10 أيلول 2015 مـ

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *