عام

الزواج أم الدراسة – هل من تناقض بينهما؟

Views: 747

سؤال لا ينتهي على مر السنين، وينقسم الناس حول المسألة مدافعين عن أحد الموقفين أو قابضين على العصا من المنتصف، وفي كل الأحوال لا يبدو سهلًا أو صوابًا تعميم حكم أو رأي واحد على كل الناس فيما تعلق بتقديم الزواج على الدراسة أو تأخيره لصالحها أيضًا.

ينطلق المجتمع المحيط بالفتيات من دافع الخوف من فوات قطار الزواج أو الدخول تحت عنوان “العنوسة”، وحتى حين يطالبها بالتحرز من الحصول على هذا اللقب؛ فهو يفضلها متعلمة عاملة لتعين زوجها وتساهم في تحسين مستوى المعيشة، ويفوت هذا المجتمع أن تحقيق المرأة لاستقلالها الشخصي يأتي على حساب إقبالها على الزواج، هكذا يسعى المجتمع لما قد يعيق مفهوم الأسرة المستقرة من حيث الطمع بالناحية الاقتصادية، وهو في هذا السعي لا يضع في حسبانه أنه يريدها متعلمة من أجل جيل على قدر من العلم والأدب.

أما الفتيات في مقتبل العمر حين يقفن على مفترق الطريق أمام خياري: الدراسة أم الزواج، فيُسهم في دعم رؤاهن محيط واسع من أُم وأخت وصديقة، وتجارب متعددة أسهمت معًا في تكوين صورة واضحة أو مشوشة حول الزواج والدراسة، ويبدو الخوف محركًا نحو أحد الخيارين، فهي تخاف من فوات الفرصة بالارتباط فتقدم الزواج، وأخرى تخاف من عدم الوفاء بشرط التعليم فتختار الدراسة، ويضاف إلى ذلك الخوف من عدم وجود التعاون من قبل الزوج والأهل في القيام بالمسؤوليات المختلفة.

وأخريات يخترن الدراسة بدافع الفضول والطمع بالحصول على فرصة أفضل، وهذا أمر يُفضل أن نقف عنده قليلًا، لأن اعتذار فتاة عن الزواج بدافع الحرص على الدراسة يبدو سببًا ظاهريًا والحقيقة تكمن في أن الشخص المقابل لها لم يعجبها، وكفتاة لن أصدق أن فتاة وجدت حقًا من يعجبها ثم فضلت عليه الدراسة.

 وفي ظل العولمة، وانتشار أفكار الاستقلالية، وتحقيق الذات، ومع مواقع التواصل الاجتماعي وانتشار أفكار على شكل وجبات خالية من المضمون الهادف، وتسوق للعزوبية، وأوهام فارس الأحلام، في قالب يخفي الكثير من الوصاية وتحديد القالب الجديد الذي يراد وتحديدًا للفتاة، ويقلل من شأن تربية الأبناء وجاهزيتهم ليكونوا يومًا آباء وأمهات، ويجعل من مسائل الارتباط والانفصال خيارات مفتوحة.

وأمام تجارب الزواج المختلفة، لا يوجد قول واحد، فأحيانًا توقيت الزواج بين الصيف والشتاء، وطول النهار وقصره في بداية المشوار، له سبب في الانطباع الأولي حول الضغط من عدمه، وأيضًا ظروف الزواج كدراسة الطرفين أو عملهما أو سفرهما، وأيضًا الحالة النفسية للطرفين وخاصة الفتاة من حيث تقبل الظروف الجديدة، واحتمال ضغط الزواج والعمل أو الزواج والدراسة أو الزواج ومسؤولياته فقط، وحجم التفاهم بينهما والاتفاق على الهدف والغاية وخطة الحياة، وما يعكس مقدار أهليتهما للحياة المقبلة، وشكل إدارتهما للأزمات المختلفة بينهما ما صغر وما كبر سواء تعلق بشخصيتهما واختلاف ثقافتهما أو في شكل إدارة الحياة التي تجمعهما.

خلاصة القول:

أن نسأل الزواج أم الدراسة ليس سؤالًا صحيحًا بشكل مطلق، وغالبًا هو سؤال رائج في صفوف الفتيات أكثر، والأصح أن يكون السؤال موجهًا لذات الشخص، يناسبني الزواج أم الدراسة؟ هل أرغب بالزواج الآن؟ هل هو الشخص المناسب لي؟ الدراسة ستعوض أم لا؟ هل سنكون عونًا لبعضنا؟ كيف سنفعل لو كنا معًا؟ وإذا كانت طبيعة شخصيتي تتقبل الأمور الحياتية واحدًا تلو الآخر ولا أستطيع الجمع بين وظيفتين كبيرتين كالزواج والدراسة فالأفضل أن أختار ما أحتاجه أكثر الآن على أن أفكر جيدًا بالفرصة التي أمامي فإن كان رجلًا فيه ما أريد فلماذا تضييع الفرصة؟ وأقول تضييع لأن توافر 90% مما نريد في شخص الآن سيصبح صعبًا جدًا غدًا.

علينا أن نسمع صوت حاجتنا المنغرس في الأعماق، ووحدنا مَن يملك القرار الذي يناسبنا، إنها ليست قوالب جاهزة، ولا توصيفات وقواعد تُعمم، بل هي حياة وخيارات واحتمالات وتجارب، نقدم منها ما نشاء، ونؤخر ما نشاء، ولكنها كلها معًا تشكل حياتنا، وتُكمل الفيلم الخاص بنا، فلا تناقض ولكن خيار، وقرار، وتوقيت.

1 جمادى الآخرة 1439هـ

 17 كانون ثاني 2018مـ

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *