عام

دروس من وحي تجربة قصيرة

Views: 2247

كل تجربة يخوضها الإنسان؛ كفيلة أن تعلمه دروسًا كثيرة؛ وخاصة إن أحاطت بها التحديات، فالتجربة لا تقاس بالنجاح والفشل؛ بل بنوعية الاستفادة العملية التي يترجمها الشخص في حياته أو يكتسبها كمهارات وذخيرة لمرحلة تالية.

أستطيع القول أن أهم ما وجدته في عملي الجديد كمُعِدة حتى اللحظة: 

العمل تحت الضغط –نسبيًا-.

المرونة والسرعة؛ بتوفر خيارات بديلة لكل مشكلة قد تعترض إعداد حلقة ما.

أما أهم محورين في عملي هذا وكل نشاطاتي:

تقدير الوقت.

أن أكمل حتى النهاية.

وقد سمحت لي تجربتي القصيرة في إعداد برنامج مع قناة القدس الفضائية على التعرف عن قرب على عدة أمور؛ أُجملها في:

أجابت على سؤال: لماذا يستضيف البرنامج هذه الشخصية أو تلك؛ رسمية واعتبارية وعامة؟

التعرف على الناس وطريقة تفكيرهم وردود أفعالهم.

التعرف على نفسيات العاملين في قضية الأسرى.

المتابع للبرامج بشكل عام قد يستنكر استضافة شخص مع وجود غيره؛ لكن يغيب عن المشاهِد عبء التنسيق مع الشخصيات؛ فمن ناحية التعارض بين وقت الشخص ووقت البث، ومن ناحية بعضهم يرفض الظهور على شاشات معينة، والقنوات الجيدة  إجمالًا لا تضحي بالذهاب لخيار مقبول إلا حين تُضطر لذلك فقط.

أما ما يثير الغرابة والحزن والقهر حين تحمل قضية إنسانية بعيدًا عن مصلحتك في أن تنجز عملك؛ تريد أن تظهرها أو تساعد في حلها؛ ثم تجد أن الخوف من السلطة المستبِدة؛ الخوف من ذهاب منحة؛ الخوف من حرمان من ثمن عملية جراحية؛ الخوف من قطع مستحقات؛ كلها تظهر في وجهك بعد أن توافق الحالات على الظهور معك.

لا زال هناك مَن لا يملك القوة في أن يفرق بين الحق والواجب، فمن حقك أن تأخذ كل ما لك على السلطة القائمة، ومن واجبهم أن يقدموا ذلك دون منّة ودون تهديد، وأنت تملك أن تقف وتطالب بحقك إن قصروا في واجبهم أو حرموك منه.

كم من جراح تنزف فينا بلا ضماد؟ كم من خوف يعشعش في الحنايا بلا أمان؟ ما الضمير الذي يُدثر هذا المحروم الخائف أو ذاك المسؤول الظالم؟!

أما العاملين فإن منهم مَن تطلبه في كل وقت وتجده حاضرًا سريع الاستجابة؛ يقدم المشورة، ويوفر لك الأرقام، ويتعاون لنجاحك ونجاحه معًا وهو بهذا يصنع لنفسه اسمًا ومكانة ويترك أثرًا، ومنهم مَن قد يستقبل طلبك ولكن لا يرد عليك ولا يخدمك وإن كان ما تريد معه، وهو أيضًا بهذا يترك انطباعًا سيئًا.

في مهنة الإعلام خصوصًا يحتاج العامل إلى علاقات واسعة، وإلى مرونة عالية، وتعاون قوي مع غيره، وسُمعة طيبة في إثر ذلك تسبقه قبل كل هاتف أو لقاء، والمنفعة تصب في خدمة جميع الأطراف، والمهنة لا تعبأ بشديدي المركزية أو الأنانيين بقدر ما تبسط الطريق لذوي النفوس الرحبة.

أما الخلافات سواء بين أصحاب المهنة الواحدة أو المصلحة الواحدة فإنها تكبر وتصغر بحسب إدارتها كأزمة، ولكنها كفيلة بأن تعلم الإنسان كيف يتقبل الاختلاف، وكيف يوسع صدره، وكيف يحفظ الود ويستر ما كان أو ينساه، ودومًا يبدأ صفحة جديدة وعنوانًا جديدًا.

وأهم تحدٍ لمن يعمل خارج قيود المكاتب والرسميات أن يرفع انضباطه الذاتي، ويتفوق باجتهاده ليجاري ما يفوته من تجربة الاحتكاك المباشر أو حتى التنقل الكثير.

إسراء خضر لافي

30/ربيع أول/1435هـ

31/كانون ثاني/2014م

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *