عام

تهنئة ومشاهدات من فلسطين

Views: 1990

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحية طيبة وبعد

فأما التهنئة
رمضان أتى فحق أن أهنيك وقد راقت لي هذه الرسالة
الرائعون كالأحجار الكريمة، لا نصنعهم ولكن نبحث عنهم لنهنئهم وقد لا نكون اول المهنئين ولكني أسال الله ان نكون أصدقهم، رمضان مبارك

من فلسطين تعلمت إذ رأيت

في سطوري القادمة ساوجز دروسا تعلمتها في رحلة قدرها الله إلى بيسان وعين التينة ونهر الأردن وقد سلكنا طريق الأغوار على الحدود الاردنية الفلسطينية

في يوم شديد الحر وقد جاوزت الحرارة الأربعين سافرنا صعوداً، حملنا همومنا قبل همتنا وذلك لمشقة الوصول والخروج في ظل التضييق المفروض من قِبَل الاحتلال ، هناك إلى بلادنا حيث تتربع بيسان وتمتد السهول والتلال، هناك حيث النخيل والتمور، والنهر والشطآن، جمال الطبيعة وامتداد الأفق رغم قيظ الصيف ،صيف ترى ملامحه ليس على وجوه البشر فقط، بل على الأشجار والأعشاب وكأنها تحكي حكاية الظمأ ، ظمأ للماء وهو سر الحياة، وظمأ للاهل والخلان وهم على مرمى حجر أسرى الجدار أو اللجوء أو القضبان، أسرى الدمع والأحزان، أما الثمار فتنضج قبل الاوان وتقدم ما قدر الله لها ان تعطيه وهذه الثمار في أشكالها وتنوع جودتها تذكرني بالإنسان، فمن الثمر ما آتى حقه يوم حصاده، سليما ناضجا ، ومنه ما سقط قبل استوائه وقد ضُرِب أو مرِض، ومنه ما لم يبلغ النضج ولكنه سقط أو لم يقدم أكثر، وكذلك نحن كبشر ومسلمين خصوصاً منا مَن يؤتي الحق وينضج ومنا مَن يسقط على الطريق ولذلك أسباب ومنا مَن رضي بما هو عليه فلم ينضج ولم يسقط

مضيْنا وأنا كان حظي التصوير والتفكير معاً، وكانني سائحة غريبة عن الأرض أردت ان أصور كل المشاهد وكل الصور ووراء كل صورة حكاية وعبرة وقد وجدت أني أغرقت في ذلك وكان مما فقدت في سفري هو روحانياتي فإني كنتُ ماخوذة في التفكير إلى حد تاخر إدراكي لما اكتب حتى عدت لبيتي ولا أعلم أين ذهول عقلي

لفت انتباهي تشابه الضفة مع أرضنا المحتلة الى أبعد حد، فأنا أنظر للطريق بين رام الله والخليل مثلا فإنها حقا تشبه الطريق الممتد من أريحا إلى الجولان، طبيعة البيئة وشكل الأرض والأشجار وإن كانت الضفة أكثر وعورة من سهولنا المحتلة

وصلنا بيسان المدينة الاحب والاقرب لنفسي بدون روابط سابقة ولكن هذه المرة رأيت فيها الخير وكل الخير وسمعت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تمر بيسان وشجرها، وحادثة صك العملة الاسلامية فيها ، جعل هذه المدينة أكثر رفعة ، وبزيارتنا لمعرض التمور فيها سعادة وأحزان والسبب
في المتجر تمور من أصناف كثيرة وأقول هذا الخير هو حقنا لكنا فرطنا فيه وإني لأرضى الآن بالاعتراف بهذا التقصير لأني أعرف ان علينا ان نعمل لنسترد ذلك كله
أما الحزن فهو لاني اصبت بصدمة حين رأيت صوراً معلقة في المتجر اعلى الجدران تروي حكاية عائلة باللون الابيض والاسود وتظهر فيها النساء مقاتلات يحملن السلاح ويتدربن، ورجالهم يسعون في النهر (نهر الاردن) ليؤمنووا لقمة العيش وأطفال يلعبون في الحقل، وهنا قلت اهذا تاريخهم ام تاريخنا ن نحن نصر ان تظهر المرأة بمريول المطبخ ونمعن في وصف رائحة المطبخ وهم يؤكدون ان كل مَن في مجتمعهم هو جندي لحماية اسطورتهم، والله المستعان

وبعد كل ذلك وبعيدا عن التفصيل فستملون ثرثرتي ، سِرنا في مسارات مائية وأخذت منا وقتاً مشياً على الأقدام ، مسار في سهل ملتوٍ يختلف فيه منسوب الماء ومسار آخر بعد السير لمسافة طويلة نبلغ النهر وفيه صعود الى جبل وهي قرية مهجرة لم يبق فيها الا نبع الماء المختفي خلف اشجار التين والعنب الملتفة ، وسأوجز الدروس
في الماء اما ان تنظر اين تضع قدمك واما ان تتكيء على غيرك واما ان تسقط على وجهك ، ونحن في الدنيا احد هذه الحالات
انسان يقدر لرجله قبل الخطو موضعها، يخطط ويرتب ويقنن ويراجع وهذا الى النجاح يسير مهما تعثر
وآخر يتكيء على مَن حوله وهذا ان لم يخطط لنفسه ويستفد ممن يتكيء عليهم فهو ضمنيا ضمن خطط الآخرين او وصولي ويمكن ان يقع وهو يشبه اعمى البصر (ومن الذين فقدوا بصرهم ، ذوي بصيرة ونور اكرمهم الله فكانوا افضل من المبصرين
وثالث لا يتكيء ولا يقدر وهو الساقط بلا شك المنكب على وجهه والعياذ بالله

/وقد سألت نفسي أين انا وإني والله تأبى نفسي إلا الاولى فالله أسأل العون /

وفي النهر سِرتُ بحذاء -اجلكم الله- فردة منه مهترئة مع السير واضطررت لصعود الجبل ونزوله وظننت اني صاحبة همة ولكني رأيت في الأمر دروسا
فان مَن سار بحذاء عالٍ لم يعلم قدر الحرارة التي تبعثها الحجارة والتي تذكرني بنار جهنم فقد كان لفح الحر يذكر بالنار واعاذنا الله
وان مَن لم يعلم المنطقة كيف كانت قبلا لن يدرك ان هذه الحجارة التي ينساب الماء من تحتها كانت المياه تغمرها وكذلك قلوبنا تلفحها نفحات فتارة تمتليء بالايمان واخرى ينحسر ولكنه ينساب ولو من وراء القلب وبحاجة لمن يغذيه فينضح ويشع نورا

ومَن رأى الصهاينة كيف يخرجون بصغارهم وكبارهم في الجو الحار ليصلوا الماء الذي يرونه مباركا ليعجب من جَلَدهم مقابل قلة صبر وتحمل المسلم ، وانا كلما علت همتنا وجدنا اهل الباطل اكثر جلدا ، وجزى الله عنا شيخنا مَن ذكرنا ولفت انتباهنا ، اليهود لا يدخرون جهداً ليثبتوا احقيتهم فيما ليس لهم ونحن لا نأل جهداً لنبحث عن الراحة وقليلا من البرد في عز الصيف ونترك لهم ثغورنا كلها مكشوفة
بل العجب أن المخاطب في اية “انفروا خفافا وثقالا ” هم نحن ولكن مَن يأخذها بحقها؟ ولننظر كم مرابط في القدس وعلى المعابر يروم الوصول شدا للرحال ؟
واعجب ممن قد يذكر قوله تعالى : “يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم الى الارض ورضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة” ثقل يلصق بالأرض والمطلوب هو القيام الحقوق واداء الواجبات وسعي وتوكل على الله ، فذاك طالب يغش ويطلب النصر واستاذ همه منهج دون القيام بحق التعليم وواجبه تجاه مجتمعه ويطلب التيسير وداعية همه نفسه ثم يقول لمَ لا نُنصَر ونترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واصلاح النفس والاسرة لمجهول

ان الدمع والبكاء لن يرجع الأرض ولن يمحو سنينا قضيناها في جفوة وقصور فهم ولكن توبة صادقة نصوحة قد تقربنا الى الله والطاعة تلد طاعة والمعصية تسوق أخرى وما أسهل أن ينفرط العقد

والله أسأل ان يغفر لي ولكم ويكتبنا في عباده الصالحين القانتين الصابرين
وجزى الله عني مَن كتب اللي لي على ايديهم ان انتبه من غفلة وان اشارك في خير رغم انفي وثبتني الله واياهم على الحق والخير

لا تحرموني دعاءكم ونصحكم
وتقبل الله طاعتكم

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *