عام

نسمات تشرين (1+2) / 2012م

Views: 2394

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله بركاته

لقاريء حروفي تحية وسلام

أما بعد،
بعد انقضاء تشرين أول وثاني بكل ما يحملان يتقاطر الحرف خفيفًا متخففًا؛ متخففِّا لأن حياتنا تعلمنا أن لا نثقل الأحمال، وخفيفًا لأن ما انقضى لا يبقَ منه إلا ما استخلصناه من دروس وعِبَر.

وأعرض بين ثنايا الحرف موجزًا رأيت الوقوف معه:
– موسم الزيتون:
سجل هذا العام خيرًا وفيرًا قبل هطول المطر، ومرّ الموسم في حده الأدنى من اعتداءات المستوطنين، صحيح أن أراضٍ كثيرة مثمرة صودرت، ولكن ما تمكن الناس من الوصول إليه كان خيِّرًا كريمًا.

– عيد الأضحى المبارك:
موسم الحج، وداع ولقاء، تخفف من الدنيا، عودة بروح جديدة، مرحلة بين ماضٍ وحاضر وربما انطلاقة لمستقبل أفضل.
بعض الناس لم تفهم الغرض من الحج فقدمت الفريضة على سد الدين، وبعضهم إلى اليوم مشغول بالولائم والاستقبالات، هذا بخلاف الحفلات التي أقيمت والمفرقعات.
الناس تأسرها العادات والتقاليد وتخاف التحرر من قيودها خوفًا من كلام الناس حتى ولو أثقل ذلك كاهلها!

– عودة أبي:
ودعت عام 1433هـ بالإفراج عن والدي بعد 26 شهرًا من الاعتقال الإداري، كانت فرحة جميلة ترافقها قطرات المطر، تقرأ في وجوه الناس ألوانًا أبهى من قوس قُزح، قُربهم مؤنس لو دام.
يصعب عليّ القول: أننا كعائلة اعتدنا على الحياة في غياب أبي، ونسينا كيف تكون الحياة تحت سقف واحد.
اكتشفت أن الحياة في ظل العائلة تصبح ممتلئة، دافئة، ممتعة، دافعة.

– 1434هـ:
جاء هذا العام سريعًا وانقضى منه نصف شهر، ابتدأ بدماء الجعبري، فكان رد المقاومة عزيزًا يحمل غيثًا للقلوب التي طالما حلمت وتعطشت للارتواء.
مسك دماء الشهداء ومطرًا منسكبًا راقصًا على حبيبات تراب الوطن، مختلطًا بالدموع، دموع وداع الشهداء، دموع حرى تلخص حكاية الأشواق، حكاية العجز عن بلوغ سمو الراحلين، فتنحني الرؤوس يغسل أنينها بعض همهمات في النفس تدور.
وتُسطَّر حروف الوفاء، معلنة عهدًا جديدًا، تصافح كل فرد، تخط تاريخًا جديدًا، تحفز الهمم وتحفر في النفوس عميقًا أن استثمار الوقت غنيمة، وفاز مَن شغل وقته بالعمل مثابرًا صامتًا لا يثنيه كلام المتهافتين والمساومين ما دام الهدف نصب العينين، فهل يعقل كل مَن صفق وخفق قلبه وترقرق الدمع في عينيه فرِحًا بما رآه نصرًا؟

– مع الذكرى:
في كل عام أقف مع 24/11 لأن فيه عظماء سطروا أمثلة رائدة في المقاومة والثبات، هؤلاء هم المبدعون في نظري، لأنهم فقهوا الحياة جيدًا وأتقنوا ما خلقهم الله لأجله، قاتلوا فقتلوا حتى قُتلوا، لم يؤلفوا كتبًا في الأدب والشعر والرواية ولكنهم خطوا الطريق بدمائهم وبها خُتمت حياتهم.
إعلان استشهادهم كان ميثاق ولادة لآلاف السنابل التي ارتوت من حبهم وتعلمت عمليًا كيف يكون الفداء حتى قطرة الدم الأخيرة!
د.عبد الله عزام، عماد عقل، محمود أبو هنود: رجالٌ اغتيلوا وعلى دربهم قوافل سارت وتسير!

– 29/11:
في عام 1947 أُعلن قرار التقسيم، وفي عام 2012 أعلن عن دولة فلسطين بصفة مراقب في الأمم المتحدة.
رفضت تأييد الخطوة في البداية لأني أرى الساعي لها وأعرف من تاريخه إلى أين أوصلنا، ولأنه بعد هذا يريد المساومة والتفاوض، هذه المفاوضات التي لم تحقق لنا شيئًا ولم تُرجع لنا أرضًا ولا حقًا، ولكني أحترم التأييد المشروط فهو إن أعلن تنازله أو تخليه فلن يجد فلسطينيًا واحدًا في صفه.
اليوم لا يتحدث عن فلسطين واحد ولا اثنان ولا ثلاثة بل كل فلسطيني سيطالب على الأقل بحقه.
وحكاية كل فلسطيني ومحب لفلسطين كحكايتي فأنا أعشق القدس وثرى فلسطين ولأجلها تهون الصعاب، وما تحمله شعبي في العقود الست لن يثنيه عن مواصلة شق الطريق علمًا وعملًا وبناءً واستصلاحًا وترميمًا، دفعًا وطلبًا، حياة وشهادة.

وفي ختام سطوري
تعلمت في هذين الشهرين الكثير يصعب عليَّ إحصاؤه ولكن الحقيقة أن هناك أشخاص التعرف إليهم مغنم، فهم يحبون لك الخير ولا يُضمرون إلا الخير صفاء طُهرًا ونقاءً، أحببتهم وأسأل الله أن يحفظهم حيثما ولوا وجوههم.

سائلة الله عز وجل أن يكتب لكم ولي الخير ويسدد في الحق خطانا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إسراء
16/محرم/1434هـ
30/تشرين ثاني/2012م

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *