عام

نسمات 01/2013م

Views: 2287

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة وبعد

ثورتي الذاتية على نفسي لا تنتهي، وكتابتي اليوم ليست ترفًا، ولكني أوجز محطات كثيرًا ما تغيب عنا في غمرة حياة محمومة يقتلها الروتين حينًا ويقلبها الاستبداد والاستعمار في أحايين أخرى كثيرة.

(1) الربيع وبدء الحكايات
يأتي الشتاء مكتنزًا بالأحمال، فتلقي الغيوم أثقالها، وتستقبل الأرض ضيفها المنتظر، وتبدأ تفاعلية الحياة الجديدة؛ لتورق من جديد، فتتزين البلاد بالأخضر، فتُقلب حرثًا وزراعة وتشذيبًا، في ارتباط وثيق بين الإنسان والطبيعة بكل ما فيها.
وانظر لتقليم الأشجار والتخلص من ضعيف الأغصان، ليشتد عودها وتُطلق من جديد براعم أقوى، في المقابل هو الفصل الأمثل لقص الشعر وتهذيبه.
ثم انظر إلى الأرض تُقلب بين باطنها وظاهرها فتتخلص من شوائبها، وتُبذَر، في رعاية شاملة يكتب الله لها الحياة فتنبت وتؤتي خير الثمر، وكذلك أنا الإنسان حين أقرر التغيير فأتخلص مما أريد وأبدأ بتعلم شيء جديد، وكل ذلك بحول الله وقوته.
أما النوَّار فأول الزهر لوز، وقد تأخر هذا العام ولكن ما أن تبدأ بالإيناع حتى يتلون المشهد ويتراقص أمام الناظر حاملًا البِشر والأمل؛ فلا خريف دائم، وكذلك نفسي فإنها ما كبت وتعرضت للمحن وأعملت عوامل التعرية على القلب الكثير حتى تُزهر من جديد بنجاحات جديدة مفتاحها إرادة وهمة عالية.

وغدًا يعود للأرض اخضرارها، وللأشجار، فيكتمل الجمال، وتتيه العين في سحر ما ترى، لا تدرك أقصاه، ولا تجمع كل ما تحيط به ويحيط بها!
فصل الربيع تفاعل حيوي تمتزج به الروح سفيرها البصر.

(2) البِدع والمجتمع
لعل الكثيرين يرون أن لا مشكلة في إحياء بعض المناسبات بالاحتفالات والطقوس الخاصة؛ ولكني أرى أن هذا من البدع الواجب إماتتها، ولا يوجد ما يُبرر البدعة، وينطبق ذلك على المولد النبوي والمناسبات المشابهة، وانتظار الحادثة للتذكير برسول الله صلى الله عليه وسلم شُبهة يمكن تفاديها بعدم تخصيص هذا اليوم بالاحتفالات.
بل الأوجب تنبيه الناس إلى أنه لا يوجد تاريخ ثابت، وأن يكون التذكير دائمًا، وأن يُسعى لمشاريع سلوكية تعزز الفكرة التي نريد بعيدًا هذه البدع.
وإني أذ أقول ذلك فإني لا أُلزم أحدًا برأيي ولكني أُلزم نفسي به.

(3) فصول السنة والوطن العربي
قيل ويقال “ربيع عربي” والحقيقة أخالفهم ولا أدري مَن أطلق هذه التسمية، ولكن وجهة نظري الشخصية فإني أرى ما جرى من سقوط لبعض الأنظمة ينطبق عليه “الخريف”، وعملية التغيير اللاحقة وكل الفترة التي تلي السقوط هي “شتاء”، وحين تستقر أحوال المنطقة أو البلد ويتمكن الحكم الجديد يصلح أن نسميه “ربيعًا”.
وفي ضوء هذا فلا أرى ربيعًا كاملًا في أي بلد سقط حكمه، ولعل ليبيا وتونس ومصر على الطريق ولكن لم تكتمل التجربة لتغدو ربيعًا كاملًا.

(4) فلسطين والأفق السياسي
لا زال الأفق السياسي ضبابيًا، يتجاذب أطرافه الأحزاب المختلفة وليس حصرًا فتح وحماس، وبين منهجين رئيسيْن: مقاومة بلا تفريط وتفريط بلا مقاومة، لا يمكن رؤية أي مصالحة أو أفق للتوافق في المدى القريب، وسأكتفي بهذا تعليقًا.

وأقول للمواطن الفلسطيني؛ مقيمًا أو مهاجرًا: كن مشروعًا يخدم مبادءك ولا تنتظر حلًا فربما تكون أنتَ الحل أو مالك المفتاح، وحتى ذلك الوقت واصل السير بجِد ولا تعلِّق ناظريك متفحصًا ما يجري فإنه لن يحمل جديدًا وكأن الواقع السياسي عقِم مؤقتًا!

(5) فضفضة
يؤلمني كثيرًا شعوري بالعجز هذه الفترة!
كنت ممن سبقوا في كوني من بنات المسجد الأقصى، وممن سبقوا في معرفة المخاطر ومتابعة التهويد والقدس، ثم ممن سبقوا في أمور كثيرة، ولكن وكأن الزمن توقف عندي منذ زمن، وما أراه هذه الأيام هو إعادة لما أعرف ويتعامل معه الناس كونه جديدًا غير مسبوق، ومبعث الألم أني لا أجد لنفسي عملًا خادمًا يوازي ذاك السبق، أو حتى يعبر عنه في مشروع مبلور.

نعم أريد لهذا العام أن أخدم القضايا التي أعلنتها سابقًا ولكني لا أجد دائرة حاضنة لذلك، هناك سعي عجيب من البشر لخدمة أهوائهم الشخصية ولا أُنكر عليهم ذلك، ولكني اعتدت الذوبان في قضايا عامة لأني أجد أني أقدم من خلالها رسالة، هناك قيود تصنعها جماعات، وقيود يصنعها المتنفذون في مناطق السكن، وقيود تفرضها المؤسسات، والخروج عن كل ذلك بحاجة لتشجيع وتحفيز ودعم معنوي، ويحتاج لأذن واعية وعقل حكيم ناصح.

هي حروف نصف صريحة فنصفها الثاني يتطلب مواجهة كبيرة وعمل أكبر؛ لأني أحب دومًا أن أعمل ولا أكتفي بالنقد أو التنظير أو التشخيص، ولست أريد من فضفضتي بث الإحباط فلستُ محبَطة ولكني فاقدة لمفتاح الانطلاق فالمشاريع والأفكار بين يديّ وما بين ضلوعي من طاقة عملاقة لن يحتمل الانحباس طويلًا، ولا أقول إلا فوضت أمري إليه هو حسبي وناصري ومعيني.

مفتاح الحياة وسرها القرب من الله تعالى؛ فيا رب اجعل كل حياتي لك وبك ومعك وبحسن التوكل عليك.

وحتى ألقاكم من جديد
لكم مني أطيب دعاء
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إسراء
20/ربيع أول/1434هـ
01/شباط/2013م

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *