عام

مَن أنتِ؟ أمُّ عريس أم شهيد؟

Views: 2215

مَن أنتِ؟ أمُّ عريس أم شهيد؟

أبهى الثياب أعدّت له؛ ترقب يوم تربعه بين يديها، تتفحص ملامحه، تبكي وتبتسم وتتنهد تراه عريسًا تزفه وتزغرد له وتشاركها النساء فرحتها الكبرى.

هكذا هي كل أم؛ تضمه وتربيه لتراه عريسًا ولا يمكن أن تفكر كيف سيحضر بين يديهًا ميتًا شهيدًا محمولًا على الأكتاف، تبكيه قلوب وعيون الأحرار.

 تُرى كيف تكون تربية الأم حين تدرك أنَّ بَنيها وديعة سُترد؟ والهدية لتقدمها تعطرها؛ تزينها؛ تعتني بها بدقة، وكيف تكون تربيتها حين تنذر حياتها لرسالة بفصول وعناوين هم أبناؤها وبناتها؟

 كلنا ندرك أننا أمانات تُرد حين يقضي الأجل ونُسلم الروح، أما أن نعيش بذرات أراوحنا؛ بدقائق أعمارنا بذلك الوعي والحضور للفكرة، أن ننذر كل نفَس وسكنة وحركة لله، أن نعيش نربي أبناءنا على القيَم ونعدهم لصناعة النصر؛ ونهيئهم لداعي جهاد لبذل الروح ونقدمهم لله طواعية، أن نفعل ذلك ونحن ندرك أن هذه ضريبة قضية نحملها، أن نعي ذلك كله ونقوم بحقه قبل أن يحين الأجل؛ هذه المهمة الجليلة التي تستحق أن نتوقف عندها.

 ما أكثر ما نخسر من أشياء ونتحسر على فواتها، ولكن ما أقل أن نبكي تقصيرنا في المهمة الأعظم، الإعداد للحظة ستأتي شئنا أم أبينا، حضور النية وأهبة الاستعداد والعمل لها في كل حين.

أن نبكي فوات أجر وجهاد في تربية ناشئة تكون للأمة العنوان، تعي وجودها وتسرع إلى الله خطاها، تؤثر رضاه على فانية واسعة دائرة مباحاتها، هذا ما يستحق البكاء؛ فلعل أجر نية صادقة لعمل لم نُرزقه يكون سبب نجاة لنا في الدنيا والآخرة.

 ولعلَّ أم نضال فرحات كانت رائدة بحق بثباتها وصبرها وبحسن تربيتها لبنيها لتعدهم وتشاركهم صناعة نصر بالقدر الذي وفقهم الله إليه؛ فجعل لها سبقًا فصارت عنوانَ كمال لكل فتاة وامرأة مسلمة تروم الكمال.

 ومن أسماء بنت أبي بكر إلى زينب الغزالي إلى أم نضال رسالة مسلمات فقهن دورهن وما هن له، لكل مرحلة وفي كل جيل نساء أنرن الطريق، آثرن الآخرة وعملن لها، ولا بد أن يكون في كل حين نماذج تتجدد؛ تجدد فينا العزائم وتبث الحياة من جديد فيما يبس أو ركد أو فتر أو سوَّف أو ضل!

 نعم أمي أم نضال: ضحيتِ بالغالي لأجل الأغلى، ونحن على درب ذات الشوكة لن نحيد، لن نلين، لن نضعف، لن نستكين حتى يرضى الله عنا؛ فإن عشنا؛ عشنا أحرارًا، وإن متنا؛ متنا شهداء وهذا ما علينا أن نجيد فقهه والعمل وفقًا له.

إسراء خضر لافي

16/جمادى أولى/1435هـ

17/آذار/2014م

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *