عام

شرق المتوسط

Views: 2853

على هامش رواية شرق المتوسط

مات رجب!

وكم من رجب في الأمة الثكلى؟ بل كم من هادي وأمجد ممن قتلوا في ظلمات الزنازين ليس لهم ذنب إلا أن نظام الطُغمة الحاكمة لا يريد حرية الرأي والتعبير والعمل السياسي إلا بالمقاسات التي تناسب سرواله المرقَّع!

 ثم يأتي مَن يستنكر كرهك لمقرات أمن الدولة؛ التي لا تذكِّرك إلا بمداهمات الليل؛ والاختطاف؛ والتغييب في السجون؛ والمحاكمات الظالمة؛ والموت الغريب!

 موتٌ مُطعَّم بالدماء، موتٌ معنوَن بالانتحار أو السكتة! ومَن المسؤول؟ مَن المتسبب؟ ربما هي الحالة السياسية التي أريدَ لها أن تكون مقصلة الأحرار وفي دوامات المطالبة بالحقوق يضيع حق الضحية ويعيش المجرم زمنًا بلا حساب!

 على أجساد الموتى خرائط من عذاب، وفي دمائهم موتُ الإرادة التي اغتيلَت بالسبِّ والقذارة وصنوف العذاب!

 لا عجب أن تكونَ صاحب حق وأن تكره أمن الدولة؛ إذ الاسم وحده كفيل بأن تستحضر رائحة الدم وأسماء وصور مَن قُتلوا هناك، ودفعوا ضريبة الحق والكرامة، لأجلنا نحن دفعوا عنّا الرزية!

 لا عجب أن تكون صاحب حق ولكن وحدها صورهم تجتاحك وتصيبك بالدوار إذ لا زال دمهم مسفوكًا، وحقهم مغبونًا، ونعيش نرضى بالدنية وتعيش الثورة في داخلنا تقتات على الألم الذي يُصيِّره الزمان حقدًا كي لا ننسى حقوقنا ولا مَن قضوا في سبيلها!

 لا أفهم إجرامهم:

كيف يغمس يديه بالدم ثم يُسيِّج بهما زوجته بابتسام؟!

كيف يلوك بلسانه كل القاذورات ثم يداعب بذات اللسان أطفاله؟!

كيف يضرب ويقتل بيد ويبذر بالأخرى الحبوب للطير والحيوان؟!

 أما حديث الشرف واللوم والعتاب الذي أجاز (رجب) لنفسه في لحظة أن ينجو جسده وما نجت روحه؛ هو حديث الشريف الذي لن يفهمه إلا مَن اصطرعت في نفسه ذات المعاني.

 السجن والتعذيب، الإرادة والحرية، السجن اختبار الإرادة والحرية اختبار الخوف والشجاعة، والتعذيب قدرة الضعيف الجبان الذي لو ملك عقلًا ما صار عبدًا لأمر الآمرين!

 الخوف النهاية، والإنسان محكوم عليه بنهايته، والتاريخ يسطِّر جهل الجلاد والحكّام بما سبق فتكون النهاية كما يريدها الحر وإن دفع أغلى الأثمان.

ونبقى نسعى إلى:

الحرية .. المستقبل .. الأمل

في ظل الرواية:

رواية شرق المتوسط، كتبها عام 1972م عبد الرحمن منيف وهو أديب وروائي سعودي.

تقع في 176 صفحة.

 

في طياتها:

–          حكاية الحريات المضطهدة والاعتقال السياسي.

–          التعذيب والقتل لحماية النظام الساقط.

–          حديث النفس قبل الذهاب لاستدعاء أمن الدولة.

–          الصراع بين التخابر  والموت بشرف وقضاء عمر  طويل خلف الشمس!

–          صنوف تعذيب من ماء وصرف صحي وكهرباء وتعليق بدفة باب وشبح وأمور أخرى إلى جانب الشتم القذر!

–          امرأة يقتلها السجان وهي تحارب لأجل ابنها وعودته.

–          امرأة تثبت الرجل كي لا يضر أصحابه، وامرأة تنتظر محبوبًا ثم تتخلى عنه، وامرأة تثبط عزيمته ليسلم!

–          زوج أخت في موقف غير مألوف في الحياة، ملئ بالتحدي والإصرار.

–          بنات أسير وأطفال أيتام إلى حين.

–          اللوم وحديث النفس المستمر.

–          في سجونهم كانت الزيارة الجمعة واليوم عندنا الزيارة السبت!

الرواية تنقلك لأجوائها ورغم الألم فيها لم تترك أثرًا سلبيًا ربما هو الاعتياد أو ترسيخ أفكار اجتاحت العقل منذ زمن!

 

أختصر القول بــ :

نحن شعوب شرق المتوسط يوحدنا الألم بكل فصوله في كل زمن فمتى يحين الوقت الذي ننفض عنه هؤلاء الرعاع ونواصل حتى نحقق حلمنا المنشود؟!

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *