عام

نجمات في سماء الخليل

Views: 1392

أقف اليوم مع جامعتي التي درست وقضيت أجمل أيام عمري فيها، أكاديميًا وطلابيًا، لم يمر عام دون أن نفقد فيه أميرًا وزميلًا؛ إما بالاعتقال أو الاغتيال أو مُقبلين نحو الشهادة بصدورهم، يسطرون لنا كل يوم حكاية التضحية والفداء؛ إيمانًا بقضيتهم وسعيًا إلى دار الخلود، تنافسًا حيًا يُذكي هممنا وينفض عنا فتورنا وضعفنا وخوفنا.

نعم مرَّ الزمان لكنه لم يُنسنا رفعت، وطارق، وباسم، ومجاهد، وجهاد، وبلال، ومحمود، ونشأت (حكاية رئيس مجلس وأمير وقائد فذ)، كوكبة الشهداء.

مرَّ لكنه يذكرنا كل يوم بسنوات سجن طويلة قُضيت خلف القضبان، حتى كانت وفاء الأحرار ليعود مجدي عمرو، ومعاذ أبو شرخ، وفادي دويك، وفادي الجعبة، ويبقى منير مرعي شاهدًا على عملية بطولية في 2002م، منتظرًا وفاء الأحرار الثانية.

يمر على ذاكرتنا هذا الزمان يذكرنا بهم كنجوم تزينت بهم جامعاتهم وبيوتهم وقلوبنا، ويحثنا على أن ننافس عطاءهم وتضحياتهم بتضحياتنا وعملنا، “وفِي ذَلِكَ فَلِيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسون”.

وفي غمرة التنافس المحموم التي سمعنا عنها جميعًا في انتخابات مجالس اتحاد الطلبة؛ تبرز أنياب التنسيق الأمني ليقود الاحتلال معركة تطهير في الضفة الغربية تحصد الشباب والأخوات في موعد لم يكن عبثًا اختياره أبدًا.

ضربات تقربنا إلى الله عز وجل؛ فنسكن، ونستذكر، وينجلي القلق، وتثبت النفوس، كيف لا ونحن نقرأ قوله تعالى:
“أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ”
“أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ”
“أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَآءُ وَالضَّرَّآءُ وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيب”
“أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ”

فاليوم تنضم إسلام البشيتي/تكنولوجيا معلومات، وأفنان رمضان/هندسة حاسوب، وفاطمة سدر/ لغة فرنسية إلى قافلة الأحرار في سجون الاحتلال.

يظن الاحتلال بهذا أنه قدم خدمة جليلة للأجهزة الأمنية مستهدفًا فيها الكتلة الإسلامية، ظنًا أن حالة الرعب والخوف هي التي ستسود، وهو الدور المكمل بلا شك لدور الأجهزة وحركة فتح بالكامل التي تعمل على قدم وساق لسلب مجالس ثلاث جامعات دفعة واحدة للتأكيد على أن هذا خيار الناس في الشارع الضفاوي وأن حماس قد اقتلعت جذورها، وظنًا أن سياسة الاستبداد والحزب الواحد ستطول كثيرًا!!!

لماذا أكتب اليوم؟
أكتب لأني أحببت أخواتي كثيرًا، ولأن وفاء العهد لأخوتنا يقتضي أن نعمل بكل طاقاتنا مستثمرين كل دقيقة بل كل سكنة، وحركة، وخفقة قلب، وخطرة فكر؛ لنقضي عهدنا على المضي مهما اشتدت الخطوب.

أكتب لأقول أنه بعد بذل الوسع والطاقة إن قضى الله تعالى أن لا تفوزوا فلن نأسف لأنكم عملتم بصدق وجِد وعزم، عملتم دون وعود كاذبة، عملتم دون أن يكون لكم مآرب شخصية، عملتم رغم ضعفكم، ولستم ممن يتعاون مع الاحتلال والأجهزة ليقضي على خصمه!

أكتب لإخواني وأخواتي في جامعات الخليل والبوليتكنك؛ لأقول: كان اعتقال الإخوة ولا زال دافعًا لنستمر بتحدٍ عال وثبات، مستفيدين من التجارب، مواجهين أقدارنا دون تردد وبثقة وبعزيمة لا تلين، فلا تتراجعوا ولا تترددوا.

كُتب الابتلاء على أخواتكنّ في وقت عملن لدينهن وحافظن على التزامهن، وكنَّ رائدات الفكر والتميز، فلا تتقاعسوا عن نصرتهنّ فهذا أقل العمل.

ولتمضِ مراكب الحق فإنها ما توقفت مع الابتلاء ولكن كانت الابتلاءات زادًا للاستمرار، فلنحيِ سُنة سير نجومنا ولا نوجل.

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *