عام

مع المرأة #4 | المرأة والغيرة

Views: 2095

مع المرأة 4

المرأة والغيْرة

ليس حديثي هنا عن الغيْرة المشهورة المرتبطة بالرجل، وليس حديثي عن الغيْرة المحمودة المتعلقة بالتنافس المُكللة بالحب والغِبطة ودون عِلل قلبية تشوبها، ولكن عن الغيْرة المرتبطة بتقدم المرأة في مواقع عمل مختلفة ضمن منظومة إدارية ما لأي فريق عمل، سواء أخذ شكل مؤسسة أو عمل تطوعي أو تنظيمي.

حين نشرت مقالًا حول دور طالبات الكتلة المنقوص قبل عام من الآن لاحظت النقاشات المختلفة التي حصلت لدى العديدات، فكرتُ مليًا بالدوافع التي تبقي المرأة في خانة التحفظ على تقدم قريناتها، وتملك الكثير من المبررات التي قد تبدو لأترابها منطقية وذات منطلقات سليمة، وقارنتها بتجربة عشناها، وقد مررنا بذات المشاعر، بذات الصراع النفسي، بذات الرغبة بالتميز، وبذات التحفظات والذرائع من قبيل ضعف الخبرة، وبدائية المشاركة، وقصور التربية، وملاحظات سلوكية، ثم نختم بعدم الجاهزية أو نجعلها عنوان الحجج!

قارنت ذلك بنساء حين تسألهن عن كفاءات لا يتورعن عن اقتراح شخصيات أصغر منهن ومن كل الأجيال دون تقديم للنفس، ودون خلط لما يُقال في مقام عمل وما يقال في مقام نسب أو نشاط اجتماعي.

الفارق بين الأولى والثانية هو النفسية وليس سعة الأفق، فالنفسية إن خلت من الحقد والحسد والمقارنة بالذات، وإن خلت من تقييم الأخريات بانتقاص وتسليط ضوء على السلبيات بناء على الظنون والتصورات وبناء على تقديس الذات والإعجاب بها، وإن خلت من التآمر والتكولس لإقصاء مَن يغرن منها؛ حينها فقط يمكن للمرأة أن تقدم بنات جنسها متجردة من حظ نفسها ومن الهوى الأعمى.

الغيْرة المذمومة كما توغر الصدور فإنها تكون سببًا في عدم تقدمها، وكلما كان فريق العمل –في أي مكان- دائمًا ينعم بالتجديد ويقدم المستجد إلى جانب صاحب الخبرة؛ فإنه يكون أقدر على إذابة ما في الصدور، وعدم إفساح المجال لتستهلك القلوب في نزاعات دنيوية تفسد وتؤخر ولا تصلح وتقدم، إلى جانب فوائد أخرى متعددة.

نحتاج ذوي البصيرة ليتجاوزوا دائمًا مَن يكثرون الحواجز لمنع تقدم قريناتهن، ونحتاج أن نقف بجِد مع أنفسنا، فالعمل للإسلام يلزمه إلى جانب قوة الإيمان؛ سلامة الصدر ليحسن العمل والانطلاق.

إسراء خضر لافي
21/جمادى الآخر/1436هـ
10/نيسان/2015مـ

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *