عام

جنائز الأفكار

Views: 2288

جنائز الأفكار


أنهار الأفكار الجوالة التي ترِد عقولنا وخواطرنا ويخفق لها الفؤاد أحيانًا إلى الحد الذي نرغب فيه بتنفيذها ونرى معها أمواج من الفرح أو الإنجاز؛ لها جنائز تُشيَّع بها ومراسم أيضًا وأكفان!

الفكرة لمن ينفذها لا لمن يغترفها من نهرها الجاري، وحين تشرق الفكرة على خاطرك ثم لا تأخذ طريقها لتصير واقعًا فإنها تموت، وإن أخذت طريقها للتنفيذ ثم لم تُنجز فإنها تموت.

لأفكارنا الواردات جنائز إذا لم تُشرق على واقعنا، وإذا أُجلت، وإذا سُفهت، وإذا لم تكن مناسبة لواقعها نوعًا، وإذا قيل لها نعم ووُضعت لها معالم طريق ثم لم تشهد ولادتها.

حين تبذل وقتًا من عمرك أو تنفقه لعمل حتى لو كانت دقائق تفكير ثم لا يُنجز؛ فأنت كمن أحرق عمره ووأد أفكاره، وفي العمل الجماعي إن لم يُثَمَّن الوقت المُنفق على تقديم فكرة ودراستها ومحاولة تنفيذها ونكتفي بالإلغاء أو التأجيل أو الصمت عن إتمام العمل؛ نكون كمن سار في جنازة فكرة!

جنائز الأفكار كجنائز الفرسان لا ندرك قيمتها إلا بعد مرور وقت نتمنى فيه لو قدَّرناها حق قدرها ولو أننا سبقنا بالتنفيذ قبل أن تصير لغيرنا أو ساهمنا فيه.

كم من جنائز نشارك فيها كل يوم ومع كل مشروع دون أن ندرك؟

إننا يا سادة ببساطة: نتقن حرفة التشييع!
وإني من قوم يقدسون أوقاتهم وأفكارهم ويحبون مواكب الاحتفال بالأفكار وتقتلهم جنائزها!

إسراء خضر لافي
23 رمضان 1436
10 تموز 2015

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *