عام

امتنان #3 | قاعات الخير في باب الرحمة*

Views: 1311

قفزت الذكريات أمام ناظري عند مشاهدتي لتقرير حديث يتناول باب الرحمة المغلقة قاعاته منذ 13 عامًا، المكان الذي احتضن الترتيل، والدعاء، والوعظ، وأجمل الكلمات والألحان، حيث بدأ نشاط لجنة التراث في 1993 وانتهى بإنهاء الاحتلال لللجنة وإغلاق باب الرحمة في 2003 تقريبًا، وقد عاصرت من سني نشاط اللجنة فيه 6 سنوات (1995-2001).

في باب الرحمة؛ عُقدت المحاضرات الأسبوعية، ودورات تحفيظ القرآن الكريم، وكانت تجري امتحانات الحفظ للدورات المختلفة من بينها دوراتنا في مخيم شعفاط، كما كانت قاعة للقاء الشابات من مختلف مناطق القدس المحتلة؛ تعارف وتعاون وتنافس في خير.

شهدت قاعات الخير مشاريع مميزة؛ منها: اعتكاف النساء برعاية طالبات من جامعة القدس وغيرهن، وهدايا العيد للأطفال التي كانت توزع بعد صلاة العيد في مشهد جامع يتيح الفرصة لمصافحة القلوب بين من جمعهم القرآن والمسجد الأقصى على فنجان قهوة وحبة بقلاوة أو تمر وهدية تُسعد طفلًا تجعل عيده في الأقصى مختلفًا بهيجًا لا يُنسى، ومشروع حفظ الحديث من خلال صناديق على لوحة كرتونية تحصل على واحد عند كل درس خميس يُعقد في قاعات الخير لتسمِّعه لاحقًا، وغيرها من مشاريع مما تحفظه سجلات الملائكة لمن أخلصوا، وبذلوا، واجتهدوا، وكانوا منارة خير وهدى أعوامًا لم تنتهي بالإغلاق فيكفي أن نذكر خيرهم لندعو لهم ونجدد حيوية ما تركوه من أثر.

تحفظ تلك القاعات صدى أصوات الذين ارتقوا على منصتها، الذين ما أن بدؤوا باسم الله وأثنوا على نبيه صلى الله عليه وسلم حتى يهدأ دبيب النمل ويحل الصمت؛ إنصاتًا وحضور قلب وعقل، فبعد صلاة الظهر تجتمع النساء لتستمع لمنتقى الكلام والاجتماع يتبعه سلام وكلام وحشد من المشاعر والابتسامات التي لا تتوقف إلا ببدء اللقاء، إنها المنصة التي تربط الحاضر بالماضي والمستقبل، والتي تستلهم من عبق المكان ما يجعل وقع ما يُقدم من خلالها مختلفًا ومؤثرًا، منصة تتمنى ارتقاءها.

عُدت بعد سنوات أفتش في أوراقي؛ ما سجلته من ملاحظات من تلك المحاضرات، فوجدت أسماء كثيرة منهم: د.ناجح بكيرات، د.جمال عمرو، د.مصطفى أبو صوي، د.حسام الدين عفانة وزوجته أم حذيفة، عائشة الكيلاني، بالإضافة إلى أم رشدي وخلود اللتين خانتني الذاكرة في استحضار أسمائهن بشكل دقيق.

حشد من ذكريات قاعات الامتحان من كلية الدعوة جنوبي الأقصى إلى باب الرحمة، ومن الاحتفال في قاعات الخير بباب الرحمة إلى الاحتفال شمال المسجد الأقصى أمام شرعية البنين وعودة إلى مدخل المرواني والأقصى القديم، تجوال على عهد القرآن، تتويجًا، وتحفيزًا، ودافعًا؛ ليبقى ذلك الرابط هو ما جمعنا ابتداء وما يجمعنا في أي حين لو قدر الله عز وجل ذلك.

فماذا بعد عهد كان كتاب الله ومسرى رسوله عماده وفردوسه؟

ربِ لا تحرمهم أجر خطوات قطعناها لنستمع ونشارك في حب وانضباط ورغبة في رضاك، وبارك لهم واكتب لهم السعادة في الدارين.

 

  • باب الرحمة: أحد أبواب المسجد الأقصى المغلقة، يقع على السور الشرقي المتصل بسور المدينة أي أنه من أبواب المسجد والمدينة، وهو عبارة عن بابين (التوبة والرحمة)، في داخلهما قاعتين كبيرتين كانتا تستخدمان لعدة أغراض منها تقديم طلبة الثانوية امتحاناتهم فيها، أغلقت القاعتين ليصبح الإغلاق لذلك القسم من المسجد تامًا وتتحول إلى منطقة مهملة.

 

إسراء خضر لافي

20 رمضان 1437هـ

25 حزيران 2016مـ

 

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *