عام

مهرجان الأقصى في خطر .. شمس لا تغيب

Views: 1921

اثنان وعشرون عامًا على ولادة النداء الخالد ملخصًا حال القدس والأقصى في ظل الحفريات، ومعبرًا عن رفض أن تكون المقدسات على طاولة المفاوضات، في مرحلة إجهاض الثورة، خروجًا من الانتفاضة الأولى 1987، مرورًا بمجزرة المسجد الأقصى 1990، وارتطامًا باتفاقية أوسلو 1993، وأحداث هبة النفق إثر اكتشاف النفق الغربي أسفل المسجد الأقصى 25/09/1996، وفي ظل إعادة اصطفاف الفلسطينيين بين انخراط في التسوية أو المقاومة أو حتى دخول في انتخابات الكنيست أو معارضة، جاءت في ظل هذه الظروف ولادة أضخم مشروع نصرة للقدس والأقصى: مهرجان الأقصى في خطر والذي أطلقته الحركة الإسلامية (الجناح الشمالي) في نسخته الأولى في 11/10/1996.

كان نداء مبكرًا بالنسبة للمسلمين والعرب، مبكرًا ومدركًا لحقيقة واقع القدس والأقصى تحت الاحتلال الإسرائيلي، أَمَّ المهرجان الأول عشرات الآلاف في التفاف جماهيري فاجأ منظمي المهرجان، لم يكن اختبارًا للمنظمين بقدر ما كان استنهاضًا جامعًا ناجحًا.

استمر المهرجان لعشرين عامًا متواصلة، تجديدًا للبيعة للحفاظ على المقدسات، ورفضًا للمفاوضات، وحصادًا للخير في نفوس أمة الخير التي جادت بالمال والوقت لأجل كل المشاريع التي ولدت دفاعًا عن المسجد الأقصى، وتثبيتًا لحق المسلمين، وتثبيتًا للمقدسيين، وتصديًا لكل مشاريع التهويد والتفريغ لمدينة القدس، من مسيرة البيارق، إلى ترميم المساجد والبيوت، والمشاريع التي هدفت لربط الأطفال بالمسجد الأقصى، ومصاطب العلم، وكل ما من شأنه تحقيق معنى الرباط على أرض الرباط، جهادًا مكتمل الأركان، اجتهادًا يبتغون عليه الأجر من الله.

أما المهرجان فقد قدم في ثناياه تكاملًا للوحة الهم الإسلامي الواحد، ففي كل عام إلى جانب كلمة العلَمين: شيخ الأقصى رائد صلاح، وفاتح الجليل كمال الخطيب، حضرت اللوحات الفنية بين مسرحية وإنشاد للقدس وللأمة في كل مكان، في حضور فني رائد للناشطين في المجال الفني وخاصة في الداخل المحتل، وقد كان لفرقة أم النور من أم الفحم قصب السبق في تخليد عنوان المهرجان بألبومها عام 1996، وفرقة الاعتصام من كفر كنا، وغيرهما من فرق ومؤسسات كانت تجتهد في تقديم الأفضل لأجل القدس.

ورغم أن المهرجان حرص في كل عام أن يكون مواكبًا ملتحمًا مع المستجد على الساحة الفلسطينية والعربية والإسلامية قبل انتفاضة الأقصى وبعد الثورات الأولى إلا أنه أكثرها حضورًا أربعة: الأول عام 1996، ومهرجان عام 1997 والذي حضرت فيه قضية الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين قبل الإفراج عنه، وعام 2000 والذي سبق انتفاضة الأقصى بأسبوعين، وعام 2015 والذي سبق انتفاضة القدس بأسبوعين.

جاء المهرجان الأخير قبل إعلان حظر الحركة الإسلامية في 17/11/2015، وقد حمل رسائل تجديد لمعاني الدعوة الأم، وحضرت الغاية في إعادة الخلافة الإسلامية، واستنهضت الهمم بالبحث عن فارس يحمل لواء القدس، وقد استخدمت فيه اقتباسات أبرزها ولد عام 1996 على لسان الشيخ كمال الخطيب:

علموا أبناءكم حب الأقصى، اجعلوه يرضع حب الأقصى مع الحليب، مع الحليب، مع الحليب ينمو به جسده

وعام 2013 على لسان الشيخ رائد صلاح:

فمن هو الفارس الذي سيمتطي هذه الفرس ويحمل الراية ويرفعها راية تحرير في سماء القدس والمسجد الأقصى المبارك

الروح التي يأذن الله لها أن تخترق آذان القلوب وتستقر فيها، وكلما تكررت أينعت.

أما مهرجان عام 2000 قدم فيه الشيخ عكرمة صبري قسم الوفاء للأقصى، وقدمت فيه فرقة الاعتصام نشيدها الخالد: “يا أقصى ما أنت وحيد سيجناك قلوبنا“، وقيلت فيه كلمات رائدة، ومنها على لسان الشيخ كمال الخطيب:

“إن سراج الزيت ينطفيء، إن وقود الزيت يوهب للأقصى قد ينطفيء، ولكننا نحن نجيد أن نسرج الأقصى دمًا، لأن الذي يسرج بالدم لن ينطفيء، نعم لن ينطفيء

فيما ردد الشيخ رائد صلاح:

إن بيوتنا أوتاد ترتبط بالمسجد الأقصى المبارك، أرضنا امتداد لقدسية المسجد الأقصى المبارك، هي تاريخنا وهي حاضرنا وهي مستقبلنا، سنقف صفًا واحدًا جسدًا واحدًا، سنقف كلنا لنقول: لن نسمح لواحد أن تسول نفسه أن يهدم حاضرنا ومستقبلنا“.

الوعي يسبق الثورة ويرافقها، الوعي الذي تمتعت به الحركة الإسلامية جعل منها ومن عملها هذا قلبًا نابضًا يضخ الدماء في العروق، ويقوي العزائم، ويشحذ الهمم، عشرون عامًا في ظل الحراب، في ظل مشاريع دولة الاحتلال، في ظل كل مكائد الإبعاد، والاعتقال، والحظر وإغلاق المؤسسات، عشرون عامًا ولم يفلح راكبو الأمواج بعد حظرها وفي أزمات القدس الأخيرة من اجتثاث أثرها، ولا الركوب على ما فعلته، التحديات كبيرة، ورغم ذلك فإنه لولا بعد فضل الله قدمت الحركة الإسلامية نفسها صخرة تتحطم عليها المؤامرات لربما لم يعد لنا أقصى ولا قدس.

هذا زرعهم، وهذه غراسهم، ربما مهرجان كهذا، بحاجة لأن يُفرد بالبحث والدراسة، فأعمار المشاريع قصيرة وتحتاج لتوافر عدة شروط لتستمر، وبالروح بالدم نفديك يا أقصى.

إسراء لافي

02 ربيع أول 1439هـ

21 تشرين ثاني 2017مـ

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *