عام

رسالتي التاسعة

Views: 1731

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحية طيبة وبعد

مر زمان منذ آخر مرة أرسلت فيه وقد رحل عنا رمضان وعيد الفطر، موسم الطاعة والاجتهاد والعمل وموسم الفرح، على الأقل فرح مأمورون به مهما بلغت أحداث الليالي الداميات واشتدت وطأة الابتلاءات ، لكنني على عهدي في رسالتي لكل شهر وإني في هذا المقام أحمد الله أن منَّ عليّ بالاستمرار منذ 9 أشهر راجية منه أن يتقبل عني أحسن ما عملت ويكفر عني سيئاتي ويرحمني

كانت لنا في رمضان دروس عِظام وتجارب جديدة، وكأن المرء لم يمر عليه رمضان من قبل، وإن كان الأسى حاضرًا لكن فرحة القرب من الله كانت أقوى، ولكني كنتُ أكثر سعادة بدرس علّمني إياه أخ فاضل اسمه “علي/جزاه الله عني كل خير” بعد رمضان ، إذ علمني الفارق بين قراءة القرآن وفهم القرآن، والفارق بين أن أحصي العدد وأن أواظب على الجديد في طاعتي، ومعنى استمرار الطاعة طيلة العام دون تخصيص ذلك في رمضان، وكله ضمن قليل دائم خير من كثير منقطع، شعرتُ بخجلي وأنا أُسأل ماذا يعني “إنا أنزلناه في ليلة القدر” وقد جهلت فعلمني ربي ويسر لي، ليعلم الإنسان أنه مهما بلغ صغير بحاجة لديمومة التعلم وعظيم التواضع

ومن ثم كان رمضان هذا العام جميلًا باجتماع أهلي وأحبتي وكنت أوقن أن للفرح لحظات ولحظات السعادة لا نشعر بطولها مقارنة بما يستتبعها، وقد حظيت في اواخر رمضان باعتقال أخي، أما بعد العيد فقد كان اعتقال أبي، وكلا الاعتقاليْن رغم وجعهما إلا أن اعتقال أبي يقصم، أدرك معنى الفقد جيدًا وأعي وجع الأهالي وقد ذكرتُ ذلك ليلة العيد وحمدت الله على نعمه، وما تمنيت لأحد هذا الوجع، ولكن ابتلاء الله قريب وليس صحيحًا أن المرء يعتاد المصائب، فإن كثرة المصائب وتكرارها لا تعطي النفس روتينًا ولكنها تهذبها وتعمق فيها الرضا، وفي كل مرة يكون الابتلاء على النفس أصعب وأقسى، وإذا كان من نعمة انقضت تستوجب الشكر هي أنها هذه المرة الأولى التي يطول مقام والدي بيننا قرابة العام دون اعتقال ، والحمد لله رب العالمين

/ لا تحرموا الأسرى الدعاء وإني إليه في حاجة/

في هذه الأيام أجول بناظري إلى أجيال الأمة وهي ترقى ولا أعرف أهي ترقى أم تهبط، وأنا أتابع اهتمامات الاطفال والشباب، ومستوى التعليم ومستوى اداء المعلم، وحتى اهتمامات الأهالي الذين يبدو جليًا ان كثير منهم تخلوا عن مهمة التربية إلا الإنجاب فقط دون تخطيط لما بعد ذلك

أرى مستويات اجتماعية وفوارق تذوب فيها الطبقة الوسطى

أرى مشاكل وهموم يحملها الصغار وسببها الاحتلال ولا أقول ذلك لأني أريد تحميل الاحتلال كل مشاكلنا ولكن مكان كالقدس فإن 70% من مصائبه للاحتلال يد فيها ويكفي أن يفقد المرء حق الإقامة ليصبح مشردًا ويكفي أن يعيش خلف حاجز أو معبر ليعرف الفارق بين الضواحي وقلب المدينة ويكفي أن يحيا في مخيم ليعرف معنى اللجوء الجديد

ونظرة اخرى لطلبة الجامعات وأساتذتها لنعرف إلى أين سنتجه في القريب ففي هذا المجتمع الجامعي : نفاق ثمنه علامة ، تلون ثمنه تبرج،وتقليد غربي ثمنه ميوعة، وملخصات ثمنها تجهيل، اما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كفريضة شرعية فإن هذا ما ندر في زماننا وما خفي اعظم

هموم كثيرة تتناوشني لكن بوصلتها القدس وستبقى كذلك
فإن المشاكل موجودة في كل مجتمع والحلول يحتاجها كل مجتمع ولكن الوجهة لا يملكها كل مَن يريد الإصلاح ونحن وجهتنا القدس وحتى نصلها لا بد من عمل دؤوب وجهود مضنية فردية وجماعية كل حسب مجتمعه وعمله وتخصصه ، يقود ذلك إخلاص لله وفهم لحقيقة الوجود وصدق مع الله والنفس والاخرين

كل منا يبني حضارة ذاته ومجموعنا يبني حضارة إسلامنا
ولك مني جزيل الشكر والدعاء والاحترام

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *