عام

محطات 3/2011 – دروس

Views: 1329

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تحية طيبة خزامية، ندية كصباحات الربيع البهي، وإشراقة الشمس الصافية تصافح قلوبكم وترعى هممكم
تحية فلسطين الأبية الشامخة وهي تودع آذار وتستقبل نيسان الشهداء والأرض المهجرة
تحية بحجم السماء وامتداد الأفق وحبي لكم

ألتقيكم وقد ودعنا آذار وفيه ما فيه وكم أسعد بقراءة سطوركم ودروسكم فما أنعم الله علينا بهذه الوسائل إلا لنشكره عليه ونؤدي حقه فيها ولا نهدرها ونتركها مرتعًا للبدع والأوهام والأوقات المضيَّعات

في آذار
انتظرنا الشفاء فقُدِّرَتِ الوفاة

هكذا تنقضي أعمار المرء في ازدياد ونقصان معًا، نتقدم في العمر ونقترب من الموت، وليس هذا تشاؤمًا ولكنه إدراك لمآل حق لا ننكره، مَن منا ليس له أحباب لا يرتوي بمرآهم ولا يهنأ بالبُعد عنهم ولا يأنس إلا في سمرهم وضحكهم وذكرياتهم، إن فرحوا فرح وإن حزنوا حزِن، ولكنا في غمرة ذلك نتناسى أنه لا بد من فراق
توفي جدي -رحمه الله- وكل يوم تحصل وفاة ويموت حبيب لمحب وقريب لقريبه وأهله، ولكن الحقيقة أن الموت يُفزعك حين تعاينه لحظة بلحظة، حين تنتظر الخبر أو تتلقاه أو تنقله، وحين تودعه وتستقبل المعزين ، وحين تتراءى لك كل تلك اللحظات
وأصعب اللحظات حين في لحظة من سكون ترى نفسك المحمول والمودع في لحد وتُترَك من ثمّ وحيدًا

في كل مرة أتعلم أني حين أفقد ما أو مَن أحب فهو تزكية لروحي وربطها بالله خالقها لتصفو النفس من العلائق ولا يبقى فيها إلا ذكر الله عزوجل وحبه ومعرفته
(أحبب مَن شئت فإنك مُفارقه)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

غيثٌ ومطر، ربيع وخير

ربيعٌ تلو الربيع وكأن القلب يتقلب مع فصول العام الأربعة متفاعلًا معها ومنسجمًا كأنه الأرض والماء والهواء،هي النفس التي بين جنبينا، تشتاق لخضرة الربيع ففيه تتنفس الشجيرات وتورق الأشجار وتُزهر، وفيه تنشط حركة الحياة، حتى أن أنفاس الصباح حين نزفرها نشعر أنها طبعة جديدة لم تُنشَر من قبل
ليس غريبًا أن تمطر في آذار وقديمًا قالوا : آذار أبو سبع تلجات كبار! ولكن الجمال الحقيقي أن الأرض تُزهر في كل مرة مستجيبة لصنيع الماء فيها بقدرة الله عزوجل، وحين أقلب النفس والبشر فإن أعجب من بطء فهم ما يرسله المولى لنا

كيف يمكن أن نكون كالماء في حياة البشر؟ وكيف يمكن أن نفهم أسرار حركة الحياة؟ كيف إن لم نكن نحن وَقودها وسر حركتها
صناعة الأثر والتأثير منشؤها الفرد (فكره وروحه وجسده) والله الموفق

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

موقف

كنا جلوس في مساء وجلس بيننا طفل في السابعة من عمره، وضع رجلًا على رجل وأمسك بصحيفة وبدأ بتقليبها، وفجأة بادرنا بسؤال
ليش بحبوا فتح أكثر منا؟
(طهرت علامات الاستعجاب من الجميع وضحكنا)
بادره أحدهم بسؤاله: ومَن أنتم ؟
فأجاب الطفل: احنا حماس
(فضحكنا مرة أخرى)
فسأله آخر: ومَن هؤلاء الذين يكرهونكم؟
فرد بقوله : الصحف

أخذني الموقف لأفكر في ملاحظة الطفل فهو يعيش في منطقة كل صحفها ذات لون واحد، وحين يظن أي منا أن الحجر على الإعلام سينجح في مراميه فهو يتهاوى في الخطأ، فاليوم الإعلام متعدد الأشكال والمداخل ولعل هذا الطفل من خلال متابعته لقنوات فضائية وسماعه حديث محيطه وخلطته بالأطفال تجعل بعض الكلمات ترسخ في أذهانهم وتجعل من السهل عليه أن يقارن ويتخذ موقفًا

اليوم نعيش عصر الانفتاح ولا مجال فيه لثقافة اللون الواحد، ولا حتى للأبيض والأسود فقط، كما أن هذا العصر يفرض علينا ثقافة المشاركة في كل مستوياتها شئنا أم أبيْنا
لعل تحرر المساحات المغلقة في ذواتنا، في عقولنا، في قلوبنا تساعدنا في صناعة غدٍ أمثل
(كل ما حولنا يدعونا لحرية)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ختامًا
في كل يوم يترسخ في نفسي أن الحياة بلا رسالة حقيقية يستثمر المرء فيها وقته ويُعمل فيها فكره ويبذل لها وسعه ويرى فيها غده المشرق تكون حياة فارغة
وإن كنا نريد حياة أفضل ونسعى لذلك فغدًا بعد تحصيلها لن يكون لها قيمة جوهرية إن كانت جوفاء
الحياة ليست شهرة وعلو مراتب وتنافس على فانية لكنها إيمان وجهاد ومجاهدة وسعي لحياة فاضلة

تعليقاتكم ونصائحكم محط اهتمامي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إسراء
31/3/2011
26/ربيع ثاني/1432

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *