عام

تأمُّلات 10/2013م

Views: 1057

تأمُّلات

10/2013م

-1-

سمعتُ ألحان المطر عزفًا على ورق الشجر، وقْعًا على تُربٍ تلظّى مشتاقًا للمطر، فأطرقتُ أبحثُ عن صداه، تذكرتُ قلبًا فارغًا إن ذكر الله عز وجل كيف يُصدر صوتًا تسمعه روح صاحبها.

ومرَّ بخاطري قوله تعالى: “فتخبتَ له قلوبهم” أي: تخضع وتخشع، فتأمَّلتُ صوتَ المطر وحال الأرض والشجر، مع قلبٍ له من الأرضِ حالها إذ تعريه المادة وتنحته الظروف وتُغرقه؛ فينقذه الذِّكر، صوتٌ يضجُّ به الفؤاد فيعلو صداه كلما فرغ ويخفت الصوت تدريجيًا كلما امتلأ حتى يفيض دمعًا؛ وعملًا صالحًا؛ وقُربات؛ ورِقةٌ في الخُلق والحال.

أليست كذلك الأرض وأوراق الشجر؟! صوت المطر عليها هو ردُّ فعلها المتراقص المعلن بدء موسم الامتلاء، وما أن تمتلئ الأرض حتى يخفت الصوت ونرى الحال شاهدًا.

الأرض والروح حين تمتلئان تشهد تغيُّر السلوك؛ في ثورة ربيع الخير؛ إثمار وصلاح.

-2-

ومرَّ موسم قطف الزيتون؛ فوق الأشجار؛ وعلى أغصانه، تحت ظله؛ تتساقط آلاف الأوراق والحبات، فسُبحان الله ما  أوسع علمه وهو القائل: “وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين“(سورة الأنعام:59).

 سُبحانه مَن علَّم الإنسان ليميِّز الشجر الذي تم قطافه عن غيره؛ فالشجرة وهي تحمِل ثمرها تتواضع إلى ربها ساجدة، وحين تُسلِم أمانتها فإن أوراقها تتوجه إلى السماء وكأنها تدعو وتقول لمولاها:  “اللهم إني بلغت .. اللهم فاشهد”.

 حالٌ بين التواضع والدعاء كيف يكون؟  فهل أصغى الإنسان لكل حركة تمرُّ  أمامه ولكل سكونٍ ماثل شاهدٌ عليه بصره؟!

حتى السكونُ له حكاية.

-3-

في عصر التقنية وضيق الآفاق الاجتماعية؛ من الجميل أن يشارك المرء أهله لقاءاتهم وأعمالهم؛ أي أن يكون في مهنة أهله خاصة إن كانت موسمية؛ مثل: الزيتون (رجال ونساء)، أو  تعزيل البيت (للبنات)، أو  نزهات عائلية، فإنها تكسر جليد الجفاف المتوهَّم، وتعيد للكلمة معناها، وتفتح للحوار والتفاهم ألف طريق، ولا تُبقي صاحب الوسائل التقنية المتعددة منسحبًا في عالمه الخاص؛ حتى إن اضطرك ذلك لتترك عملك لساعات أو أيام لأجلهم.

لا شيء يماثل العائلة في حياتك، والاجتماع غير دائم فهي فرص تأتي على فترات متباعدة فلمَ قد نزهد بها؟

وأخيرًا،

كنتُ أجَّلتُ رسالتي الشهرية لقُرب انتهاء العام الهجري واستقبالنا لعام هجري جديد بإذن الله 1435هـ، فعامٌ ينقضي ونستقبل آخر؛ لكن كيف نستقبله؟

أجمل ما قد نستقبل به العام الجديد طاعة نستهل بها ليلتنا أو نهارنا، ونية نهاجر بها إلى الله عز وجل، وخطة مكتوبة قصيرة نحقق فيها بعض طموحاتنا، ودعاء: أن يجعل الله عامنا هذا خير مما مضى، (اللهم أسألك خيره وأعوذ بك من شره).

وحديث الإنجازات للعام المنصرم أؤجله إلى الشهر القادم بإذن الله.

فكلُّ عام ونحن إلى الله أقرب وأحب وعلى طاعته أدوم

لا زلتُ أرفع شعار:  (أريد أن أكون عند الله عظيمة)


إسراء

29/ذو الحجة/1434هـ

03/تشرين ثاني/2013مـ

Comments: 0

Your email address will not be published. Required fields are marked with *